هل يسعى بايدن لرأب الصدع مع الصين
تقرير إخباري:
وصل الرئيس الصيني شي جين بينغ بتاريخ السابع عشر من تشرين الثاني لحضور الاجتماع الـ29 للقادة الاقتصاديين لمنتدى التعاون الاقتصادي لمنطقة آسيا- الباسيفيك (أبيك) حيث تُعد الصين وروسيا أبرز أعضائه، كما ستجمع الرئيس شي مع نظيره الأمريكي جو بايدن.
وأدلى شي بتصريحات في كلمة مكتوبة أمام قمة الرؤساء التنفيذيين للمنتدى، دعا فيها إلى بذل جهود مشتركة لفتح آفاق جديدة إزاء تطوير وبناء مجتمع ومصير مشترك لمنطقة آسيا- الباسيفيك، وقدّم شي مقترحاً من ست نقاط في هذا الصدد، وهو تدعيم أساس التنمية السلمية في هذه المنطقة، واتباع نهج تنمية متمركز حول الشعب، والسعي إلى الانفتاح عالي المستوى، والسعي لتحقيق مستوى أعلى من الارتباطية، وبناء سلاسل صناعة وإمداد مستقرة وبدون عوائق، وتعزيز التحديث الاقتصادي.
وأهمية هذا المؤتمر تكمن بوصفه المعبر الرئيسي لتعزيز النمو الاقتصادي والتعاون والتجارة والاستثمار في آسيا والمحيط الهادئ، بغيه الوصول الى مستوىً متقدّم من النمو الاقتصادي في ظل الظروف الدولية المتوترة، حيث سبق أن شهدت محاولات أمريكية لترسيخ وجودها في منطقة آسيا – الباسفيك، فلم تمض بضعة أشهر على صدور إعلان خطير عن البيت الأبيض الأمريكي جاء فيه أن “قادة المحيط الهادئ، يرحبون بالتزام الولايات المتحدة بتعزيز مشاركتها، بما في ذلك من خلال توسيع وجودها الدبلوماسي، والعلاقات بين شعوبنا، والتعاون الإنمائي للولايات المتحدة في جميع أنحاء المنطقة”.
وسبق أن تعهدت الولايات المتحدة ودول جزر المحيط الهادي بتعزيز شراكتهم، وسط مخاوف دوائر صنع القرار الأمريكي من تعاظم دور الصين المحوري في المنطقة، الأمر الذي يجعل هذا المؤتمر فرصة لتلافي التوترات السياسية وخصوصاً بين الطرفين العضوين الصيني والأمريكي عبر تعزيز التعاون والتنمية وتبنّي نهج سلمي ينشر السلم والاستقرار في منطقة آسيا- الباسيفيك، كخطوةٍ رديفة للتهدئة التي شهدتها قمة العشرين،
ولا سيّما بعد الخضوع الأمريكي للصين ودعوتها على لسان الرئيس بايدن لفتح قنوات للتواصل وتجنّب الوصول إلى حد الصراع.
الخضوع الأمريكي يعود لعدة أسباب أبرزها توصيات مؤتمر الحزب الشيوعي الصيني التي جاءت حازمة تجاه أي خطر يهدد وحدة وسلامة “الصين الواحدة” بجميع الوسائل، وذلك بعد سلسلة من محاولات التدخّل الأمريكية في الشؤون الداخلية الصينية عبر بوابة تايوان، حيث ساهم الموقف الصارم للصين بدفع أمريكا وكل من يسير خلفها لإعادة حساباتهم، ومسارعتهم لتخفيف التوتر وتجنب التصعيد معها، مع إظهارهم ميلاً واضحاً للتفاوض والشراكة مع الصين.
ويأتي انعقاد هذا المؤتمر بعد الانتهاء من عقد قمه العشرين، التي ضمّت الولايات المتحدة الأمريكية وزمره من الدول الأوروبية غير المشمولة بقائمة الدول الأعضاء في منتدى إيبك ، على الرغم من أن المنتدى شهد سابقاً شكوكاً في فعاليته ودوره لكن مجريات الأمور الآن توضح غياباً تاماً لوجهات نظر المشككين.
الرئيس الصيني شي أعرب خلال لقائه نائبة الرئيس الأمريكي كامالا هاريس، عن أمله في أن تتمكن الولايات المتحدة والصين من تقليص سوء التفاهم السائد بينهما، مؤكداً أنّ ذلك سيساعد حتماً في إعادة العلاقات بين الدولتين إلى المسار الطبيعي الصحيح.
على المقلب الآخر رأينا تصريحاتٍ إيجابية اللهجة من طرف هاريس، حيث أكدت أن الولايات المتحدة لا تسعى إلى مواجهة أو نزاع مع بكين، مشددةً على أهمية الحفاظ على قنوات الاتصال مفتوحة.
بالمحصلة فإن كل تلك التطورات اللافتة في الموقف الأمريكي مؤخراً تثير التساؤلات إن كانت قد اقتنعت واشنطن بأنّ التفاوض مع الصين والتعاون معها أفضل من فتح جبهات التوتر، وخاصةً بعد تجربة مريرة مع الجانب الروسي، أم إنّ ما يجري مجرد مناورة مؤقتة لها أهدافها السياسية الأمريكية الموجهة نحو الداخل الغاضب، والحلفاء المثقلون بالأزمات وشعوبهم في الخارج.
د. ساعود جمال ساعود