وزير التجارة الداخلية: الدعم عبر بطاقة وليس “كاش”.. وآلية تمويل المركزي لا يمكن استمرارها
دمشق – ريم ربيع
قد تكون المرة العاشرة، أو المئة، التي تجد وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك نفسها مضطرة لإعادة فتح ملف التسعير وآلياته بمواجهة فوضى الأسعار التي لم تضبطها نشرات ولا دوريات، فشكاوى الشارع من غلاء الأسعار وتفاوتها، ورفض التجار للتسعيرة الرسمية، دعوا الوزارة لعقد مؤتمر صحفي استمر لأكثر من ساعتين ونصف للإحاطة بكامل الملف حتى لا تكون أخباره مبعثرة وفق حديث الوزير عمرو سالم الذي لم ينكر أن التسعير اليوم بات الشغل الشاغل للجميع، من المستهلك للوزارة.
الوزير سالم أوضح مجدداً آليات الوزارة بتسعير المواد المستوردة أو المنتجة محلياً، مع هوامش الربح المحددة وتكاليف النقل وهامش “النفقات المختلفة” الذي عادة ما يلجأ إليه التجار لتبرير ارتفاع أسعارهم، مؤكداً وعلى مرأى ومسمع التجار والصناعيين الحاضرين للمؤتمر أن “كل من يقول أن ارتفاع الأسعار عنده بسبب تكاليف ونفقات غير محسوبة فهو كاذب بالمطلق، إذ تحسب الوزارة كل التكاليف، موضحاً أن التجار والمستوردين الذين يحضرون اجتماعات التسعير يكونون راضين عن النتيجة والتسعيرة النهائية”.
حل مؤقت
وبيّن سالم أن المواد المدعومة تؤمن 32% من الحاجة الغذائية للمواطن، لذلك من الضروري مراقبة باقي أسعار السلع وضبطها، موضحاً أن المواد التي لا يمول استيرادها من المنصة تسعر وفق السوق الموازية، كالسكر مثلاً الذي قرر المركزي عدم تمويله، فأولوية القطع اليوم هي لاستيراد القمح، إذ تقلصت واردات القطع الأجنبي للحد الأدنى، وأصبح المركزي مضطراً لتحديد أولويات التمويل، ورغم نجاح آلية المركزي هذه بالحفاظ على قيمة الليرة، إلا أنها – وباعتراف وزير التجارة الداخلية – حل لا يمكن أن يستمر طويلاً، فحتى التجار والصناعيون الذين حضروا المؤتمر اكتفوا بالاستماع لمعظم الوقت دون تدخل، إلا فيما يتعلق بالتمويل عبر المنصة، والذي يحمل الكثير من الشجون بالتأخير والخسائر، حيث أكد مستوردون أنهم ينتظرون لشهور قبل استرجاع قيمة البضاعة مما يضطرهم لرفع الأسعار تجنباً للخسارة.
إعفاءات
وكواحد من الحلول المتاحة حالياً، أشار سالم إلى السماح لكل مصنّع يستطيع التصدير أن يستورد المواد الأولية دون منصة، ويعيد تصدير المنتجات، وناتج التصدير يستورد به مواد للسوق المحلية، وبذلك يزيد الإنتاج وتشغل المعامل، موضحاً أننا تأثرنا بالأزمة الاقتصادية العالمية أكثر من غيرنا، وسنتأثر بوقف التصدير من بعض الدول، كما أن أجور الشحن لسورية أغلى من الشحن للبنان المجاور لنا، حيث تخاف شركات الشحن من التوريد لسورية بسبب العقوبات، ما خفض عدد الشركات وزاد أسعارها، لافتاً إلى رفع مذكرة ومشروع مرسوم لإعفاء المواد الأساسية من الرسوم الإضافية على الرسوم الجمركية، فالأسعار في سورية قد تكون أغلى من البلدان المجاورة بسبب هذه الرسوم التي تعادل الرسم الجمركي وتفوقه في بعض الأحيان.
30% هدر
الوزير الذي يبدو أنه يتابع “الشاردة والواردة”، في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، عقب على العديد من القضايا المطروحة من بينها التذمر من كثرة لقاءات الوزارة مع التجار، حيث بيّن أن هذه اللقاءات تكون لدراسة أية ظروف جديدة في تأمين المواد وأسعارها، فدوريات التموين تقوم بجرد للمواد الأساسية بالسوق وعند أية نقص تجتمع الوزارة بالموردين، إذ لم ينكر سالم شح المواد بالأسواق لكن يتم العمل لعدم انقطاعها.
وفيما أشار سالم إلى المستوى المتدني لدخل الفرد، كشف عن مشروع الوزارة بالنسبة للدعم والذي يقترح أن يكون كمبلغ مالي عبر بطاقة يستطيع المستهلك أن يشتري من خلالها من الأفران ومؤسسات السورية للتجارة، مستبعداً أن يكون دعما ماليا مباشرا “كاش” لصعوبة تطبيقه، منوهاً إلى أن الهدر فقط بما يتعلق بالطحين والخبز تجاوز 30%، إذ تبين أن تجربة المعتمدين كانت من أسوأ التجارب، وحتى انتقاؤهم كان خاطئا فمنهم من يعمل بمحال تصليح سيارات أو مكاتب عقارية، موضحاً أنه يتم العمل ليكون المعتمد حصراً “سمانا” وصاحب بقالية بالأساس، وكذلك البيع عبر كل صالات السورية للتجارة.
لا سلطة تقديرية للقاضي
أما عن المخالفات والمرسوم 8، وصف الوزير سالم الوزارة بأنها وقعت بين مطرقة وسندان، فشكاوى المواطن من جهة، واعتراضات التجار لعرقلة السوق من جهة، مؤكداً أنه ورغم توجيه المديريات للتركيز على كبار التجار، إلا أن القانون يحتم ضبط أية مخالفة، فيما لم يترك المرسوم للقاضي سلطة تقديرية، وهو أمر شكا منه قضاة بأنهم لا يكونون دائماً مقتنعين بالحكم، لذلك يأتي الحديث عن تعديل المرسوم للتفريق بين مخالفة جسيمة وأخرى بسيطة فقط بهذا الاتجاه، إضافة إلى عدم ترك القرار بالكامل للدورية فأحياناً يحل عنصر بدورية محل القاضي بالضبط، وهنا سيتم وضع أسس وضوابط لتنظيم الضبوط.
وأوضح وزير التجارة الداخلية أن التوجه الآن لتخفيض التكاليف، وتنشيط الصناعة والزراعة والتصدير، معتبراً أن الحلول القسرية للتجاوزات ضرورية.