تضارب في مواقف أعضاء الناتو “والاستنزاف في أوكرانيا مستمرّ”
تقرير إخباري:
لاشك أن الدول الغربية مجتمعة ممثلة بحلف شمال الأطلسي “ناتو”، كانت تعوّل كثيراً على استنزاف روسيا من خلال الحرب بالوكالة التي تخوضها ضدّ روسيا في أوكرانيا، غير أن الرياح جرت بما لا تشتهيه سفن الناتو هناك، حيث انقلبت الرغبة في استنزاف روسيا إلى استنزاف للغرب الجماعي برمّته رغم استفادة الولايات المتحدة مرحلياً من هذا الاستنزاف.
ولم يعُد باستطاعة الناتو تجاهل الاستنزاف الذي يتحمّله الغرب في الحرب الأوكرانية، حيث أظهرت المؤشرات أن عام 2022 سيكون العام الثامن على التوالي الذي يزيد فيه أعضاء الناتو من أوروبا وكندا الإنفاق العسكري، وبذلك سيكون أعضاء التحالف من أوروبا وكندا قد أنفقوا أكثر من 350 مليار دولار على الإنفاق العسكري منذ 2014، مع زيادة الإنفاق بأكثر من 260 مليار دولار.
وكانت دول “الناتو” تعهّدت بالسعي إلى زيادة الإنفاق العسكري إلى 2% من الناتج المحلي الإجمالي في غضون 10 سنوات في عام 2014، في “قمة ويلز”، وهنا أعلن الأمين العام للناتو ينس ستولتنبرغ في اجتماع للجمعية البرلمانية لحلف “الناتو”، المنعقد في مدريد، أنه تم اتخاذ “العديد من القرارات المهمّة”، منها انضمام فنلندا والسويد للناتو وأنه بات وشيكاً ورسمياً.
وأضاف ستولتنبرغ في تصريحاته: إنه يرحّب “باتفاق تركيا والسويد لمواجهة الإرهاب”، على الرغم من أن العلاقات بين تركيا والسويد تشهد تدهوراً خلال الأعوام الماضية، وسط اتهامات أنقرة لستوكهولم بتوفير ملاذ لأعضاء منظمة حزب العمال الكردستاني، الذي تصنّفه تركيا منظمة إرهابية.
وردّاً على ذلك تعارض تركيا الطلب المقدّم من السويد للانضمام إلى حلف الناتو، علماً أن رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان هدّد بتجميد انضمام السويد وفنلندا إلى حلف شمال الأطلسي “ناتو” إذا لم تفيا بوعودهما بشأن الامتناع عن “دعم الإرهاب”، متجاهلاً أن فنلندا والسويد وقّعتا مع تركيا مذكرة تفاهم تهدف إلى “تبديد مخاوف أنقرة” الأمنية مقابل موافقة الأخيرة على انضمام الدولتين إلى الحلف.
وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن اتجه إلى فكرة أن حلف شمال الأطلسي لا يسعى إلى الصدام مع روسيا ولن ينجرّ إلى الصراع في أوكرانيا، فقد أكد بمنتدى هاليفاكس للأمن الدولي في كندا، أن “الناتو حلف دفاعي ولا يسعى إلى الصدام مع روسيا ولا يشكّل تهديداً لها”، ومع ذلك فإن الصراع في أوكرانيا هو أكبر أزمة أمن تواجهها الولايات المتحدة منذ نهاية الحرب الباردة، مؤكداً أن نتيجة الحرب ستساعد في تحديد مسار الأمن الدولي خلال القرن الحالي، وأضاف: سندعم أوكرانيا في نضالها للدفاع عن نفسها، وسندافع عن كل شبر من أراضي الناتو، وسنواصل تعزيز الدفاع الجماعي وقدرات الردع للحلف.
بالمقابل رفضت روسيا أقاويل الناتو، وعبّر وزير خارجيتها سيرغي لافروف عن أن الناتو يشنّ حرباً بالوكالة ضد روسيا ولا دفء في العلاقات بين الجانبين، وخاصة بعد أن علّق الأمين العام للحلف على الصاروخ الذي سقط في بولندا بأنه صاروخ دفاع جوي أوكراني، ولكن هذا ليس خطأ كييف.
ولابدّ من التذكير بأن الأمين العام للناتو حذّر من المقدرات الكبيرة التي تتمتع بها القوات المسلحة الروسية، وأكد أن “روسيا أظهرت استعدادها لتحمّل خسائر كبيرة”، معتبراً أن “الأشهر المقبلة ستكون صعبة”.
وفي المحصّلة، يبقى أن نؤكّد أن المعركة القائمة الآن بين الغرب وروسيا هي معركة كسر عظم بامتياز، لأن الغرض الحقيقي من الحرب وهو استنزاف روسيا اقتصادياً سقط بعد أن انقلب الأمر استنزافاً واضحاً للغرب الجماعي بالمال والسلاح، وحتى على مستوى العجلة الاقتصادية الغربية برمّتها.
ميادة حسن