سوسان في ختام اجتماع “أستانا”: ذرائع الاحتلال التركي لتبرير سياساته في سورية مكشوفة للجميع
أستانا – سانا:
أكّدت الدول الضامنة لعملية أستانا التزامها الراسخ بسيادة سورية واستقلالها ووحدتها ورفضها المخططات الانفصالية الهادفة إلى تقويض سيادة سورية ووحدة أراضيها، وأدان البيان تزايد انتشار واعتداءات التنظيمات الإرهابية والمجموعات التابعة لها بأسماء مختلفة في مناطق عدة من سورية، كما أدان البيان الاعتداءات الإسرائيلية المتكرّرة على الأراضي السورية بما في ذلك على البنى التحتية المدنية، وجدّدت الدول الضامنة التأكيد أنه لا حل عسكرياً للأزمة في سورية وضرورة الالتزام بدفع العملية السياسية.
وفي مؤتمر صحفي عقب انتهاء أعمال الاجتماع الدولي الـ19 بصيغة أستانا في العاصمة الكازاخية، أكّد رئيس وفد الجمهورية العربية السورية إلى الاجتماع الدولي الـ19 بصيغة “أستانا” الدكتور أيمن سوسان أنّ ذرائع الاحتلال التركي لتبرير سياساته في سورية لم تعُد تخدع أحداً، وأنّ أمن الحدود مسؤولية مشتركة، مشيراً إلى أنّ صيغة “أستانا” كانت ستحقق المزيد من الإنجازات لو التزم النظام التركي بمخرجاتها وقراراتها.
وأكد سوسان أنّ الأفعال التي يرتكبها الاحتلال الأمريكي والتركي، وفي مقدّمتها توفير الدعم لفلول المجموعات الإرهابية وقطع المياه المتكرر عن المواطنين في الحسكة ترقى إلى مستوى جرائم الحرب، والجرائم ضدّ الإنسانية، وتشكّل انتهاكاً سافراً لميثاق الأمم المتحدة، داعياً المجتمع الدولي إلى إدانة هذه الأفعال.
وقال سوسان: البيان الختامي للدول الضامنة يلبّي تطلعات سورية وهذا ليس غريباً، حيث كانت كل بيانات “أستانا” تقريباً تحمل الصيغ نفسها لأنّ المفروض أنّ هناك إرادة من الدول الضامنة لبذل كل ما من شأنه مكافحة الإرهاب، وتوطيد وتعزيز الاستقرار في سورية، ولا نبالغ إذا قلنا: إنّ إطار “أستانا” هو الإطار الوحيد الذي تمّ من خلاله تحقيق منجزات على صعيد الوضع في سورية، حيث تمّ تقليص مساحة الإرهاب عبر مناطق خفض التصعيد، وكان يمكن لهذه الصيغة أن تحقق إنجازاتٍ أكبر لو التزم النظام التركي بمخرجات “أستانا”، وبالتفاهمات التي تمّ التوصل إليها مع الأصدقاء الروس، ولكن للأسف المشكلة كانت دائماً تملّص هذا النظام وعدم التزامه بتعهّداته التي وقّع عليها وفي مقدمتها احترام سيادة سورية وحرمة وسلامة أراضيها، وهذا ما تحدّث عنه جميع المشاركين في “أستانا”، بما فيهم الدول الضامنة الأخرى، وتمّ إبلاغ الجانب التركي بكل وضوح بأنّ هذه الممارسات غير مقبولة ولن تؤدّي إلا إلى تصعيد الأوضاع في سورية.
وأضاف سوسان: إنّ ضمان الأمن لا يكون بالاعتداء وبالهجمات والغزو بل بالتعاون، ومسؤولية الأمن لدى الدول المتجاورة مسؤولية مشتركة.. فمن يريد أن يضمن الأمن فهناك طرق سليمة لذلك.. أما من يريد اختلاق الذرائع والحجج لتحقيق بعض الأجندات والمخططات فنقول له: إنّ هذا لن يؤدّي إلّا إلى الفشل والمزيد من تصعيد الأوضاع.. وليس هناك أحد بحاجة إلى ذلك في المنطقة.
وشدّد سوسان على أنّ أي اعتداء أو مساس بالأراضي السورية هو انتهاك لسيادتها، وعمل مُدان بشدّة.. وسورية ستقوم بكل ما يترتب عليها للدفاع عن حدودها وسلامة أراضيها وفقاً للقانون الدولي الذي يعطيها الشرعية في الدفاع عن أراضيها لصدّ أي عدوان.. ونقول للآخرين الذين لا تزال لديهم بعض الأوهام حول مشاريعهم التوسعية أو الانفصالية أو غيرها: عليهم أن يروا أن ّساعة الحقيقة قد أزفت.. ولن يكون هناك إلا سورية واحدة موحّدة… ومن هو معنيّ بالدفاع عن سورية فعليه أن يرفد جهود الجيش العربي السوري في الدفاع عن التراب الوطني، وعلى المجتمع الدولي الذي ينتفض دائماً إزاء أي موضوع صغير أن يرفع الصوت عالياً أمام هذا التصعيد وهذه الاعتداءات غير المقبولة وغير المبرّرة التي يقوم بها النظام التركي ضدّ حرمة وسلامة أراضي الجمهورية العربية السورية.
وتابع سوسان: ينعقد الاجتماع الـ19 بصيغة أستانا حول سورية في ظل ظروف دولية في غاية التعقيد، وكما يدرك الجميع لم يكن عالمنا بحاجة إلى المزيد من التصعيد الذي نعيشه، وكل ذلك بفعل عقلية الهيمنة والتفرّد بالقرار الدولي الذي يقود سياسات الإدارة الأمريكية، حيث عانت سورية نتيجة هذا اللا منطق الذي يغذّي السياسات الأمريكية لفرض الوصاية والتبعية عليها، ومصادرة قرارها الوطني، واستخدمت هذه الإدارة في سبيل تحقيق ذلك كل ما في جعبتها من أكاذيب وافتراءات وتضليل إعلامي، كما استجلبت الإرهابيين من أكثر من 90 دولة، لقتل السوريين وتدمير منجزاتهم وهي تستمر اليوم في إرهابها الاقتصادي عبر الإجراءات القسرية الأحادية الجانب غير الشرعية وسرقة النفط والقمح السوري، وبالتالي تتحمّل مسؤولية أساسية في معاناة السوريين المعيشية.
وجدّد سوسان التأكيد أن الوجود الأجنبي غير الشرعي على الأراضي السورية سواء الأمريكي أم التركي أم غيره هو انتهاك للقانون الدولي، ويجب أن ينتهي فوراً دون أي شروط، ناهيك عن أنه يهدف أساساً إلى إعاقة توطيد الاستقرار في سورية، وإجهاض الإنجازات الميدانية التي تحقّقت على صعيد مكافحة الإرهاب، وعرقلة عملية إعادة الإعمار.
وأشار سوسان إلى أن الاعتداءات التي ترتكبها ميليشيا “قسد” الانفصالية بحق أهلنا في منطقة الجزيرة تؤكد ارتباط هذه الميليشيا بالمشروع المعادي لسورية، وهي فضلاً عن تنكّرها للانتماء الوطني فإن ممارساتها من تجنيد الأطفال قسرياً، والاعتداء على المدارس، والتهديد بإغلاقها في مدن الحسكة والقامشلي والمالكية وحرمان آلاف الطلاب من حقهم في التعليم، وسرقة الثروات الوطنية تمثل خروجاً عن أبسط المسلّمات الوطنية، ونؤكد مجدّداً أنه على هذه الميليشيات التخلي عن أوهامها لأن الشعب السوري لن يسمح لأي كان بالمس بوحدة البلاد، وأي مشروع في هذا الخصوص مآله السقوط والفشل.
وأوضح سوسان أن سورية تواصل العمل على توفير أفضل السبل لتسهيل عودة المهجّرين إلى مدنهم وقراهم، وقد اتخذت ولا تزال كل الإجراءات لتحقيق ذلك، وأن قانون العفو الأخير رقم 7 يفتح أوسع الأبواب لطيّ هذه الصفحة المؤلمة، وتعزيز وحدة أبناء الوطن الواحد، لافتاً إلى أن عملية إعادة الإعمار تكتسب أهمية كبيرة على صعيد توفير ظروف الحياة الكريمة اللائقة لجميع السوريين، وعلى أولئك الذين يعيقون ذلك في إطار استغلالهم معاناة اللاجئين لخدمة مشاريعهم التوقف عن ذلك، والتسليم بهزيمة مشروعهم في سورية لأن عقارب الساعة لا تعود إلى الوراء.
وبيّن سوسان أن سورية تعمل بالقدر ذاته من الاهتمام على طيّ ملف المفقودين والمختطفين، انطلاقاً من دوافع إنسانية بحتة وإنهاء معاناة هؤلاء وعودتهم إلى أهاليهم، وهي تكرّر الدعوة إلى كل المنظمات الدولية والإنسانية لممارسة الضغط على المجموعات الإرهابية ورعاتها لوضع حدّ لهذه المعاناة والتوقف عن استغلالها لخدمة أجنداتهم السياسية.
وفيما يتعلق بالمساعدات الإنسانية لفت سوسان إلى أن سورية تؤكد التزامها بتقديم المساعدات لمن يحتاج إليها من مواطنيها في جميع أرجاء البلاد دون تمييز، وهي مستعدّة للتعاون مع كل الأطراف الأخرى لرفد جهودها في هذا الشأن على أساس السيادة الوطنية، وعلى الآخرين احترام القرارات الدولية في هذا الشأن، وآخرها القرار 2642، وخاصة فيما يتعلق بمشاريع التعافي المبكّر.
وأشار سوسان إلى موقف سورية الثابت بأن حل الأزمة فيها يكون وفق حوار سوري سوري، بقيادة وملكية سورية، ودون أي تدخل خارجي وتوفير الظروف الملائمة لعمل لجنة مناقشة الدستور، بعيداً عن أي شكل من أشكال الضغوط وضمان بيئة حيادية لتتمكّن من أداء مهامها، مجدّداً حرص سورية على التعاون مع روسيا وإيران لدعم مسار أستانا بما يحقق مصالحها الوطنية وتوطيد الاستقرار فيها والأمن والسلم في المنطقة.