صيادو وجنود الفلبين.. درع واهٍ لحماية تايوان
تقرير إخباري:
أعلن البيت الأبيض أنّ لقاء الرئيسين الأمريكي، جو بايدن، والصيني شي جين بينغ، على هامش قمة مجموعة العشرين مؤخراً، لم يكن نوعاً من إعادة انطلاق للعلاقات الثنائية بين البلدين، ونستشفّ من مثل هذه التصريحات أنّ الإدارة الأمريكية ما تزال على سياستها العدائية تجاه بكين، وأنّ التقارب الصيني الأمريكي في قمّة العشرين والاتفاق على التهدئة الذي تبجّحت به واشنطن ما كان إلا نوعاً من المناورة لرفع شعبية بايدن التي عانت منذ مدة انخفاضاً ملموساً، بل وتابعت نائبة الرئيس الأمريكي كامالا هاريس تكرار سياسة بلادها في الزيارات الاستفزازية، فكما زارت نانسي بيلوسي، رئيسة مجلس النواب الأميركي، تايوان، قامت هاريس بزيارة الفلبين لتؤكّد من هناك أنّ واشنطن تحمّل الصين مسؤولية توتير الوضع في جنوبي بحر الصين، والتزام بلادها الثابت تجاه الفلبين، في مواجهة ما سمّته “توسّع نفوذ الصين”، بل تدّعي هاريس وقوف بلادها مع الفلبين في ما سمّته “الترهيب الصيني”، وأن أيّ هجوم على القوات المسلحة الفلبينية، وعلى سفن أو طائرات في بحر الصين الجنوبي، من شأنه أن يفعّل التزام الولايات المتحدة الدفاعي المشترك، وكثيراً ما تذكّرنا وعود هاريس بوعود أمريكا لأوكرانيا التي ذهبت في مهبّ الريح عندما أُشعل فتيل الحرب، ويبدو أنّ الإدارة الأمريكية أيضاً تريد إشعال منطقة جديدة بعد تايوان عبر تهييج الجزر المتنازع عليها كجزيرة “بالاوان”، وطبعاً يُعدّ هذا الأمر إكمالاً لخطوات التصعيد في تايوان، فصحيح أنّ أمريكا صرّحت بأن علاقتها مع الصين ستكون علاقة تنافس، ولكن يبدو أنها قصدت بالتنافس السلام بين البلدين مع الاحتفاظ برمي الجميع كخصوم وأعداء في وجه الصين.
إنّ هذه الجزر قريبة من تايوان جداً وتمثّل وفق تخيّلات واشنطن رقعة يمكن أن تشبه درعاً لحماية تايوان في حال تطوّر الوضع إلى حرب بين تايوان والصين، وخاصةً أنّ استفزازات تايوان لا تزال قائمة عبر عدد من تحرّكاتها مع جيرانها في محاولة لانتهاك سيادة الصين.
وتعمد واشنطن إلى تكثيف مساعداتها العسكرية للفلبين من خلال تسليح صياديها وجنودها لاستخدامهم كمرتزقة في صراعات بالوكالة في حال أحسّت بأنها بحاجة ذلك، ومنذ عام 2015 تلقّت الفلبين مساعدات عسكرية أمريكية ضخمة ناهزت 1,4 مليار دولار، يُضاف إليها في الأيام الأخيرة 66 مليون دولار لبناء قواعد عسكرية، والفلبين بالنتيجة دولة صغيرة وضعيفة وطامعة تريد الأخذ لا العطاء، وغير معلوم ما فائدة هذا الإغداق عليها حتى الآن؟.
كذلك تحاول الولايات المتحدة شيطنة الصين أكثر فأكثر إعلامياً، وخلق مجموعة مشكلات في كل فترة لتتمكّن أمريكا من إدارة تلك المشكلات والتدخل ضدّ الصين، وما تفعله واشنطن اليوم ليس بجديد حيث حاولت سابقاً اختلاق الخلاف الحدودي بين الصين والهند، وإشكالية التيبت، وتهييج أقلية الأيغور، وهي جميعها ملفات فشلت وأُقفلت دون أي أثر.
على المقلب الآخر، تُراقب الصين بكل هدوء خطوات الإدارة الأمريكية في الفلبين، مؤكدةً أنها لا تعارض تعاون أي دولتين، ومذكّرةً بأن يكون التعاون فيما لا يضرّ مصالح أي دولة حفاظاً على السلام والاستقرار في المنطقة، كما يقلل الشارع الصيني من خطر الفلبين على اعتبار أنها دولة صغيرة وقليلة السكان.
في النهاية، ما تحاول واشنطن حياكته من مؤامرات ضدّ الصين في آسيا سيفشل، وخاصةً أنه لم ولن ينجح حتى اللحظة في عزل الصين التي تقيم أطيب العلاقات، وتعقد أكبر الصفقات حتى مع حلفاء واشنطن بما فيهم اليابان، وإنّ دول المنطقة غير مستعدّة لدعم واشنطن بالشكل الذي تتوهمه الأخيرة، فمعظمهم لا يريدون الاختيار بين الصين والولايات المتحدة، حتى لو لجأت واشنطن إلى أساليب الإكراه السياسي والاقتصادي، بسبب حاجتهم جميعاً إلى الصين.
بشار محي الدين المحمد