“كي لا تبقى وحيداً”.. أوجاع وآلام الحرب على سورية
أمينة عباس
احتفى فرعُ دمشق لاتّحاد الكتّاب العرب مؤخراً، بالتعاون مع الاتحاد العام للكتّاب الفلسطينيين – الأمانة العامة، بالأديب د. حسن حميد وروايته الجديدة “كي لا تبقى وحيداً”، من خلال عقد ندوة أشرف عليها د. إبراهيم زعرور رئيس الفرع، وأدارها الإعلامي ملهم الصالح، ومشاركة الكاتب أنور رجا، وهي رواية تناول فيها حميد ما دوَّنه نزار باشقة أحد المقاتلين في الخطوط الأمامية، وتحديداً في منطقة تدمر، والذي سرد ما جرى له ولرفاقه في الجبهة، وكيف واجهوا الإرهابيين، لينقل الأعمالَ الإرهابية التي قاموا بها من تخريب وقتل وتدمير لكل ما هو حيّ، لتكون الرواية وثيقة تاريخية يجد فيها القارئ شيئاً من الأحداث الدامية التي مرّت بها سورية، وقد عدَّها الكاتب رشاد أبو شاور واحدة من أهم الروايات التي كُتبت عن الحرب على سورية: “إنها حقاً رواية حرب متميزة ومفعمة بالمشاعر الإنسانية، وغنية بعلاقاتها الإنسانية.. رواية مكتوبة ببراعة وسلاسة وتعاطف مع وحدة من الجيش العربي السوري”.
أدب الانتصار المقاوِم
وأكد الكاتب أنور رجا في قراءته أن “كي لا تبقى وحيداً” رواية متعبة بأوجاعها وآلامها، وتكمن جماليتها في كلّ ما فيها من جمال موحش يلامس الروح أحياناً ويبعث القلق أحياناً أخرى، وقد استطاع حميد فيها أن يؤسّس لما يمكن تسميته بأدب الانتصار والأدب المقاوم، لأنه كتب عن المعاناة التي عشناها في الحرب وما زلنا، واستطاع من خلال الدخول إلى عوالم الشخصيات أن يتحدث عن جيش وشعب بأكمله، حيث كلّ أبناء سورية كانوا حاضرين في هذه الرواية من خلال شخصيات التحقت بالجيش واجتمعت على أبواب تدمر، وقد جاؤوا بأحلامهم وقصصهم وقصص حبهم، قام حميد بنسجها وأعطى لكلّ شخصية من الشخصيات حقها في الحياة، فجعلها تتحدث عن نفسها وتبوح بما عاشته، لتكون الرواية حصيلة قصص لهذه الشخصيات التي كانت على موعد مع البطولة والشهادة والحياة في أمكنة تحدث فيها حميد عن البطولات الحقيقية لا المصطنعة، وقد صوّر الشخصيات على أنها بشر وليست مخلوقات قادمة من الفضاء، عاشت الخوف والرعب والقلق كما هو حال كل إنسان، خاصة وأنها كانت في الصحراء. وأكد رجا أن الأوراق التي كتبها حميد كانت طافحة بالدم والخوف والانكسار والحب والحياة والموت، وقد أبدع فيها في لمّ شمل الشخصيات بأوجاعها وأفراحها، ونفخَ فيها من روحه.
الفضل للأمهات
وأشار د. حميد إلى أن الكتابة بشكل عام ليست سهلة، وكلّ كتابة هي مخاض غير عادي بالنسبة له ليُقدّم ما هو جديد للناس وما يهمّهم ويفرحهم لينسوا الأصوات الخفوت وهم يبكون الفقد، مؤكداً أن الأدب سيبقى والحرب ستزول، وأن رواية كـ”الحرب والسلم” لتولستوي ما زالت تحفظ بطولات الروس في حربهم، منوهاً بأنه بعد الانتهاء من كتابة هذه الرواية التي عاش مع أبطالها وقتاً طويلاً بكى كثيراً لأن عدداً كبيراً من الشخصيات استشهدت، ولأنه شعر في بعض الأحيان بالتقصير تجاه بعضها الآخر، مؤكداً أنه ما أراد كتابة شيء عن الحرب لأن كلّ ما سيُكتَب عنها معروف، ولأنها جحيم ونفي للحياة، لكنه بعد مرور وقت قرّر أن يكتب عن رفاقه كي يحفظهم من الموت، وليؤكد فيها بسالةَ الجيش العربي السوري وبطولة الإنسان السوري الذي مهما فعل فلن يوفيه حقه لأنه قدّم الكثير للقضية الفلسطينية، مبيناً أن الفضل في الانتصار الذي حققته سورية في حربها يعود للأمهات اللواتي باركنَ دفاعَ أبنائهن عن البلد، ولهذا سنرى روايات كثيرة – برأيه – في المستقبل تمجّد ما فعلنه.