من دروس المونديال.. كيف نصل إلى تعامل ناضج مع التحكيم والحكام؟
ناصر النجار
إن استمرت الحالُ على هذا المنوال يمكن أن نطلق على مونديال قطر لقب مونديال المفاجآت، فما نراه أقرب إلى الخيال وبعيد عن كلّ التوقعات، المنتخبات من القارة السمراء والصفراء تتعالى على أسياد كرة القدم وتلقنها درساً تعيدها فيه إلى أرض الواقع.
وبعيداً عن هذه المفاجآت فما زال المونديال يمنحنا كلّ يوم العديد من الدروس والعبر التي يمكن أن نعكسها على واقعنا الكروي، لنرى أين نحن من كرة القدم وأين هم منها؟.
وكما تحدثنا فإن الوصول إلى العالمية يبدأ من المسابقات المحلية وضرورة العناية بها، لتفرز لنا جيلاً من اللاعبين والنجوم القادرين على مقارعة نجوم العالم، كما فعل لاعبو اليابان والسعودية والمغرب وتونس، والمسابقات لا تكون محترمة إلا إذا كانت مقدّسة ومنضبطة، وعلى سبيل المثال فإن المباريات التي جرت في المونديال حتى الآن وما حملت من مفاجآت لم تشذّ عن القواعد والأصول، والدليل أننا لم نشاهد أي لاعب يحتجّ على قرار حكم ولم يشهر الحكام البطاقة الحمراء حتى الآن للاعب أو مدرّب، لأن الانضباط والالتزام هما المسيطران على عقول اللاعبين وأدائهم، فنجوم العالم جاؤوا إلى المونديال ليلعبوا كرة القدم.
الفرقُ بين التحكيم المحلي والعالمي أن الحكام في الخارج يلقون كلّ تعاون من اللاعبين لأداء مباراة سهلة بعيدة عن الضغوط والمؤثرات، ودوماً الجمهور يتفادى الحكام ولا يعتدي عليهم بالشتم وغير ذلك، وهناك إشارات معينة متعارف عليها يعبّر بها الجمهور عن امتعاضه من خطأ تحكيمي ما، بعيداً عن سوء الأدب.
أهم نقطة تعاني منها كرتنا أن فرقنا تضع الحكام والتحكيم كطرف ثالث في كلّ مبارياتها، فإما أن يكون معها أو أن يكون ضدها، وبمثل هذا التفكير لا يمكن أن نصل إلى مستوى النضوج الكروي.
أكثر من مرة تحدثنا عن إضاعة الوقت وتعمّد بعض الفرق تمييع المباريات بأساليب مقيتة تقتل فيها وقت المباراة، هذه المسألة كانت على أجندة لجنة الحكام الدولية، وشدّدت على الحكام لاحتساب الوقت الضائع بدقة، لذلك رأينا بعض المباريات مُدّدت لأكثر من عشر دقائق في سبيل الوصول إلى الوقت الفعلي، حتى لا يضيع الوقت على أي فريق.
مسائل التحكيم مهمّة جداً، وعلينا متابعة المونديال من باب التحكيم لنبحث عن وسائل تطوير هذا الركن المهمّ من أركان كرتنا.