اقتصادصحيفة البعث

المنافسة العالمية تفرض شروطها على المنتجات السورية.. ومساع لتكوين هيئة ناظمة للجودة

دمشق – ريم ربيع

لم يك تضرر المنشآت الصناعية وتعطلها خلال سنوات الحرب هو العامل الوحيد بخروج المنتجات السورية من المنافسة العالمية، فحتى المنشآت التي عادت للعمل اصطدمت بعائق معايير الجودة والمواصفات التي تطورت كثيراً بمدة زمنية قصيرة، ليصبح سباق المواصفة هو الأكثر تأهيلاً لضمان مركز لأي منتج أو خدمة في العالم، سواءً في الصناعة أو الإدارة أو التعليم والطب ومختلف القطاعات.

المنتج السوري الذي ينازع اليوم لاستعادة مكانته في الأسواق بات مضطراً لمواكبة معايير الجودة العالمية كضرورة حتمية وليس رفاهية، مما استدعى توسعاً في المراكز المعنية بتعليم ورقابة تطبيقها في المنشآت مقابل إمكانيات محدودة لتطبيق تلك المعايير، فخلال فعاليات المؤتمر الوطني السادس والعشرين للجودة الذي رعاه وزير الصناعة ونظمته شركة تالا لتنظيم المؤتمرات، وبعد أن استمع الحاضرين إلى العديد من المحاضرات والاستراتيجيات لتطبيق الجودة ما كان منهم سوى السؤال: أين هي الميزانية التي ستطبقون بها هذه الخطط؟ وما مدى جودة المخابر الموجودة لمواكبة ما يطلبه العالم من مواصفات في ظل قدمها وصعوبة تأهيلها أو استبدالها بفعل العقوبات.؟ فيما عقبت إحدى المشاركات: “قبل التخطيط والاستراتيجيات من يراقب جودة غذائنا وماذا نأكل اليوم؟”.

مشاريع قوانين لضبط الجودة

وزير الصناعة زياد صباغ لم ينفِ أنه رغم تطبيق المعايير بكل المنشآت إلا أنها تحتاج إمكانات أكبر سواء بالكوادر البشرية أو المادية، موضحاً أن سنوات الحرب أدت إلى تراجع مفاهيم الجودة لدى المنشآت العامة والخاصة، فمن الضروري أن يعاد إلى الأذهان الفكر اللازم وثقافة الجودة لنشرها بمختلف القطاعات للنهوض بعد الحرب، وبالنسبة لمتابعة مخالفات شهادات المطابقة فهي مناطة بأكثر من جهة، ودور وزارة الصناعة نشر ثقافة التقيد بالمواصفات ونشر أنظمة الجودة بكل المؤسسات للحصول على منتج جيد.

وأشار صباغ إلى إعداد مشاريع قوانين لضبط الجودة، وقانون للمقايسة، والمترولوجيا وسيتم إقرارها بأقرب وقت، إضافة لضبط الهيئات ضمن إطار واحد، مع النهوض بكل المؤسسات لتقديم الخدمات وفق المعايير العالمية، مبيناً أن المنتجات السورية قبل الحرب كانت تدخل سوق المنافسة بكل اقتدار، لكن تراجع ذلك ولهذا السبب تكثف ورشات العمل لإعادة الألق للصناعات السورية علماً أن بعضها لا يزال ينافس بقوة في الأسواق.

أمين سر الجمعية العلمية السورية للجودة وسيم الغبرة أوضح أنه يتم الربط بين القطاع التعليمي والصناعي بشكل وثيق في تطبيق الجودة، علماً أن كل القطاعات مرتبطة ببعضها للنهوض باقتصاد وطني متكامل، فالاقتصاد القائم على المعرفة أصبح شرطاً لازماً للتنمية المستدامة، والكثير من الجامعات اليوم حاصلة على شهادات الجودة وتهتم بالتدريب وتطبيق المعايير.

منافسة

بدوره أكد رئيس اتحاد غرف التجارة أبو الهدى اللحام أن الجودة مفتاح المنتجات للعالم كله، وبدونها لن نقدر على دخول الأسواق، فهناك منتجات وأصناف سورية حاصلة على شهادات الجودة وتنافس بكل الأسواق، كالألبسة السورية التي تباع بأوروبا وكذلك بعض المنتجات الغذائية، موضحاً أننا مقبلون على منافسة كبيرة تتطلب زيادة المعاهد العلمية والحفاظ على الخبرات، ونشر ثقافة الجودة بكل مرحلة من مراحل العمل، إضافة للتوسع بالشركات والمراكز المراقبة لتطبيق الجودة، فاليوم تعاد الكثير من الأصناف المصدرة لعدم تأهيل المصدّر وغياب رقابة المنتجات وتطبيقها لمعايير الجودة، أو حتى تعاد بعض البضائع لسوء التغليف.

عين “العام” على “الخارج”

بدوره مدير مديرية القياس والجودة بوزارة الصناعة حسام الشيخة اعتبر أن البنية التحتية للجودة والموجودة حالياً جيدة للبدء باعتماد المعايير بكل القطاعات، موضحاً أن لوزارة الصناعة عدة مراكز داعمة ومراقبة ومطبقة لمعايير الجودة، فيما يوجد سعي حكومي لتوحيد الجهات وتكوين هيئة ناظمة للجودة، مضيفاً أنه يوجد مخابر لضبط الجودة بأغلب الشركات،  فرغم تركيز القطاع العام على كفاية السوق المحلية إلا أنه بالوقت نفسه “عين عالداخل وعين عالخارج” إذ يسعى للتصدير بعد معرفة الأسواق المستهدفة ودراسة المواصفات المطلوبة فيها.

تبني منهجية واحدة

الخبير في إدارة المخاطر الدكتور ماهر سنجر اعتبر أن ضمان جودة الصناعة، ومخرجات التعليم، ودروان رأس المال يعني قطع نصف الطريق لدعم الاقتصاد الوطني، فالقطاعات الثلاث تشكل حوامل أساسية لتحقيق النهوض بأية مجتمع، مشيراً إلى ضرورة حث أصحاب القرار على تبني الجودة كمنهجية أساسية في القطاعات الثلاث، فاليوم نشاهد مبادرات فردية للحصول على شهادات الجودة ويجب تعميمها، إضافة إلى الاستفادة من تجارب الدول الأخرى وانعكاس تطبيق الجودة فيها على الإنتاج والاقتصاد، فضلاً عن ضرورة الربط بين الجودة واستمرارية العمل والتنمية المستدامة

وعن مدى تطبيق معايير الجودة، أوضح سنجر أن معظم الشركات تسعى للحصول على الآيزو ولكن يوجد حالة من النسبية بمدى الالتزام، وهذا الأمر تضبطه الشركات التي تقوم بتدقيق كل 6 أشهر على مدى تطبيق والالتزام بنظم الجودة، فالضامن لها هو مدى دعم الشركات المانحة للشهادات واستمرارها بالعمل، مبيناً أن معظم الشهادات تعتمد من الخارج بحيث تنعكس على التصدير، وهنا تتعرض الشركات لصعوبات كبيرة قي الاعتماد بسبب العقوبات مما ينعكس بدورة على الكلف النهائية، فالشركات السورية تضطر لبذل جهد مضاعف للحصول على الاعتمادية.