التضامن مع الشعب الفلسطيني.. يوم دولي لدعم القضية الفلسطينية
د. معن منيف سليمان
نجح شعبنا العربي في فلسطين على مختلف اتجاهاته السياسية والمجتمع المحلي، باستثمار مناسبة أقرّتها الجمعية العامة للأمم المتحدة، تحت عنوان “اليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني”، فعمل على تحويلها إلى فرصة يستطيع من خلالها أن يقدّم للعالم قضيته العادلة، وتوضيح ما جرى من مراحل شغلت دوراً مهمّاً في صدور قرار التقسيم، وضياع الأرض، وقتل وتهجير السكان، واستجلاب ملايين اليهود من مختلف بقاع الدنيا ليحلّوا مكانه في فلسطين، وكيف تفوقت حينها قوة الاحتلال وحلفاء الاحتلال الباطلة على قوة الحق، ونتيجة لهذه المناسبة بات الفلسطيني يحقّق النجاحات تلو النجاحات وعلى المستوى العالمي، وما العزلة الدولية -وإن تراجعت قليلاً- التي يعيشها الاحتلال الإسرائيلي في الوقت الحالي، إلا نتيجة لهذا التضامن وإدراك المجتمع الدولي لحقيقة الاحتلال، وما الوعي الذي يعيشه الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج ومعه أحرار العالم من مختلف الجنسيات والأعراق والديانات إلا نتيجة لذلك التضامن.
في الثاني من شهر كانون الأول من عام 1977، اتخذت الجمعية العامة للأمم المتحدة قراراً عدّت فيه تاريخ صدور قرار التقسيم 29/11/1947، يوماً للتضامن الدولي مع الشعب الفلسطيني، وبناءً عليه تحيي الأمم المتحدة المناسبة سنوياً ابتداءً من عام 1978، ومعها مختلف أطياف الشعب العربي الفلسطيني، والشعوب الصديقة المساندة للحق الفلسطيني في مختلف أرجاء العالم.
وعادة ما يوفِّر اليوم الدولي للتضامن مع الشعب العربي الفلسطيني فرصة لأن يركّز المجتمع الدولي اهتمامه على حقيقة أن قضية فلسطين لم تُحلّ بعد، وأن الشعب الفلسطيني لم يحصل بعد على حقوقه غير القابلة للتصرف على الوجه الذي حدّدته الجمعية العامة، وهي الحق في تقرير المصير دون تدخل خارجي، والحق في الاستقلال الوطني والسيادة، وحق الفلسطينيين في العودة إلى ديارهم وممتلكاتهم التي أُبعِدوا عنها.
واستجابة لدعوة موجّهة من الأمم المتحدة، تقوم الحكومات والمتضامنون سنوياً بأنشطة شتى احتفالاً باليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، وتشمل هذه الأنشطة إصدار رسائل خاصة تضامناً مع الشعب الفلسطيني، وتنظيم عقد الاجتماعات، وتوزيع المطبوعات وغيرها من المواد الإعلامية، وعرض الأفلام.
وفي مقرّ الأمم المتحدة في نيويورك، تعقد اللجنة المعنية بممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه غير القابلة للتصرف جلسة خاصة سنوياً احتفالاً باليوم الدولي للتضامن، ويكون من بين المتكلمين في الجلسة الأمين العام، ورئيس الجمعية العامة، ورئيس مجلس الأمن، وممثلو هيئات الأمم المتحدة ذات الصلة، والمنظمات الحكومية الدولية، وفلسطين. ومن بين الأنشطة الأخرى التي تُنظم في إطار الاحتفال باليوم الدولي للتضامن إقامة معرض فلسطيني، أو حدث ثقافي ترعاه اللجنة، وتُنظمه بعثة فلسطين لدى الأمم المتحدة، وعرض أفلام. وتُعقد أيضاً اجتماعات احتفالاً باليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني في مكتبي الأمم المتحدة في جنيف وفيينا.
إن الحاجة للتضامن العالمي مع الشعب الفلسطيني بلغت أوجها عند وقوع مسألتين: الأولى مع تسبّب الكيان الصهيوني ومعه الأمم المتحدة بنشوء مشكلة لأكثر من مليون فلسطيني تحولوا إلى لاجئين مشتتين في بقاع الدنيا، والثانية قبول ما يُسمّى “دولة إسرائيل” في هيئة الأمم المتحدة، والذي كان بمثابة اعتراف جماعي بدولة الاحتلال، خاصة وأن هذه “الدولة” قد مارست خدعة دولية سعياً إلى قبولها عضواً في الأمم المتحدة.
واليوم، وعلى الرغم من كلّ القيود والعقبات والعقوبات التي فرضها الاحتلال الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني لم يستطع الغزاة إخضاع وإركاع هذا الشعب، الذي ما زال صامداً، مؤكداً على مدار عقود من الكفاح الباسل أنه شعب قادر على حماية مشروعه الوطني، وهو ما أدركته “إسرائيل” والعالم أجمع، فتعاظمت حركة التأييد الدولي للشعب الفلسطيني وسعيه للحصول على حقوقه التاريخية في الأرض، وإقامة الدولة الوطنية المستقلة والقدس عاصمة لها، مع التأكيد على أن قرار الجمعية العمومية رقم 194 الذي يدعو إلى عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم هو جوهر القضية الفلسطينية، وأنه حق لا يسقط بالتقادم، وأنه مسؤولية الأمم المتحدة الدائمة حتى يتمّ تنفيذ قراراتها.