أين الحكمة؟!
حسن النابلسي
في الوقت الذي نلتمس فيه عذراً لمن تملكه التشاؤم، لابد من التأكيد على ضرورة أن يكون هناك وعي وإدراك لصعوبة هذه المرحلة وما تواجهها من ضغوطات ربما هي الأقسى منذ ما يزيد عن عقد من الزمن، لذلك سنحاول طرح بعض ما يتوجب فعله عسى أن نحرض أصحاب القرار على المحاولة الجادة لقلب المعادلة، علماً أنهم يدركون ما سنعرضه تمام الإدراك في حال وجدت الإرادة الجادة والإدارة الحاسمة لذلك!
رغم أن البداية البديهية توجيه البوصلة الحكومية نحو الزراعة، وأن الجميع يعلم أنها الحامل الأساسي للتنمية، إلا أن المفاجأة كانت برفع أسعار الأسمدة، وكأن صاحب هذا القرار يتغاضى عما ينتاب القطاع الزراعي من تحديات يتوجب تذليلها، ليتقصد بذلك زيادة طين هذا القطاع بلّةً، متجاهلاً أن تعزيز عضد الزراعة يعزز من عضد الصناعة كتوءم مثالي للشد من أزر الأولى.. فأين الحكمة من هذا القرار؟!
إذا ما كان هناك دراسة فعلية وتعاط جاد مع هذه الحيثية الإستراتيجية، فيفترض عندها تأمين كل المستلزمات المطلوبة من حوامل طاقة، وأسمدة، وبذار، وغيرها من المواد الأولية اللازمة، وبشروط وأسعار تشجيعية، مع الإشارة هنا إلى أن المعنيين لا ينكفئون عن التصريح بهذا الاتجاه بأية مناسبة، ليبقى التطبيق أشبه بالعدم!
النقطة الثانية والأكثر بداهة.. هي تسويق المنتجات الزراعية حتى لا يخرج الفلاح من دائرة الإنتاج، والخروج من بوتقة الآليات التقليدية، والتي بات قوامها زج “السورية للتجارة” واعتبارها الوسيلة المثلى لامتصاص فائض الإنتاج الزراعي، لتثبت الوقائع أن الأمر اقتصر على استجرار نسبة بالكاد تصل لـ 10% من التفاح والحمضيات، ونسبة أقل من الدواجن بأسعار تشجيعية!
نعتقد إذا ما انصب الجهد الحكومي على تعزيز القطاع الزراعي، وتأمين استجرار منتجاته عبر منافذ التصدير من جهة، والتصنيع الزراعي من جهة، فسنضمن أمننا الغذائي في وقت يحثّ فيه العالم الخطا بهذا الاتجاه. ولعلّ الكل بات يعلم أن القطاع الزراعي هو من حال دون الانهيار التام للواقع المعيشي، وإذا ما استمرت لا مبالاة التعاطي مع هذا القطاع فإن النتيجة ستكون على الأقل المزيد من تهديد أمننا الغذائي حتماً!
hasanla@yahoo.com