الشعوب الأوروبية تدفع ضريبة حروب واشنطن من اقتصادها
تقرير إخباري:
يبدو أن الحكومات الأوروبية أصبحت في وضع لا تُحسد عليه مع انطلاق التظاهرات المناهضة لاستمرار الحرب في أوكرانيا، حيث بدأ الشارع الأوروبي بمجمله يستشعر حجم المخاطر التي تفرضها سياسات حكوماته الفاشلة وخاصة فيما يتعلّق بالعقوبات المفروضة على روسيا التي جاءت بنتائج عكسية، وأدّت إلى أزمة طاقة في أوروبا ونقص في وقود التدفئة مع بداية الشتاء القاسي، فضلاً عن التضخم وارتفاع الأسعار غير المسبوق الذي جاء على خلفية ارتفاع أسعار حوامل الطاقة.
الخلاف حول دعم أوكرانيا لم يعُد حديث السياسيين فقط، بل فرض على المواطنين الذين يشعرون بالخطر وبنتائج هذا الإجراء الذي تتخذه حكوماتهم هواجس مقلقة تقضّ مضاجعهم، حيث بدأت الاحتجاجات والمسيرات الرافضة لدعم الحرب في أوكرانيا تنتشر في معظم الدول الأوروبية مندّدة بالسياسات التي ينتهجها المسؤولون الأوروبيون المؤيدون لهذه الحرب، فمعظم تلك الشعوب أدركت أن هذه الحرب هي بمنزلة استنزاف لاقتصادات بلادها التي تترنّح أصلاً على خلفية الإغلاقات بعد وباء كورونا، ثم جاءت الحرب في أوكرانيا لتعمّق الأزمة.
واليوم جاء تظاهر آلاف الأشخاص وسط العاصمة الإيطالية روما احتجاجاً على توريد الأسلحة للنظام الأوكراني، مطالبين بإلغاء العقوبات الغربية ضد روسيا التي انعكست على الحياة، حيث ذكرت وسائل إعلام إيطالية أن روما شهدت مظاهراتٍ حاشدة شارك فيها نحو 10 آلاف متظاهر حملت شعار (اخفضوا البنادق ارفعوا الأجور)، وهتف المشاركون خلالها (دعونا نقل لا).
دعم الحرب الأوكرانية أثر بشكل كبير في القطاعات العامة للدولة وتسبّب بإضراب عمال النقل وبعض موظفي الدولة والعاملين في المجال الطبي والمدارس، بسبب التضخم والارتفاع الحادّ في أسعار الكهرباء والغاز، وعلى خلفية إصدار الحكومة الإيطالية الأسبوع الماضي مرسوماً يؤيّد مواصلة توريد الأسلحة إلى أوكرانيا في العام القادم استمراراً لسياسة الحكومة السابقة.
من جهة ثانية، كشفت صحيفة “بوليتيكو” الأميركية أنّ إقرار الكونغرس المحتمل لمبادرة التمويل المؤقت للحكومة للسنة المالية الحالية بأكملها، التي بدأت في 1 تشرين الأول، سيؤدّي إلى “توقّف محتمل للمساعدة العسكرية لأوكرانيا”، كما سيؤدّي ذلك أيضاً إلى “وقف شراء القاذفة الاستراتيجية بي-21 ريدر القادرة على حمل الأسلحة النووية”.
وفي الوقت الذي يجتمع فيه القادة الأوروبيون لدراسة كيفية زيادة مساعداتهم العسكرية لأوكرانيا، مدفوعين في ذلك بتحريض أمريكي من خلف المحيط، نجد أن الإدارة الأمريكية ذاتها بدأت تدرس فعلياً كيفية التفلّت من هذه المساعدات التي أثقلت الميزانية الأميركية، بالنظر إلى أن هذه الأموال تأتي من دافعي الضرائب الأمريكيين، فضلاً عن أن هذا الأمر هو موضع خلاف بين الحزب الديمقراطي الحاكم ونظيره الجمهوري الذي سيطر على الكونغرس في الانتخابات النصفية الأخيرة وبإمكانه تعطيل جميع مشاريع القرارات التي تطرحها الإدارة الديمقراطية في الكونغرس حول هذا الشأن.
ميادة حسن