الأنظمة المُطبّعة في وادٍ والشعوب في وادٍ
تقرير إخباري
في وقت تعتزم جامعة حيفا التابعة لكيان الاحتلال الإسرائيلي تنظيم مؤتمر دولي في مدينة طنجة شمالي المغرب دُعي إليه 50 مشاركاً من جامعات في “إسرائيل” ومصر والمغرب والإمارات والبحرين وألبانيا وتركيا واليونان والمملكة المتحدة وألمانيا، احتفل لاعبو المنتخب المغربي بتأهّلهم للدور ربع النهائي في كأس العالم، بعد فوزهم على المنتخب الإسباني بركلات الترجيح، رافعين العلم الفلسطيني في ملعب المدينة التعليمية في الدوحة. وانتشرت مقاطع فيديو تُظهر لاعبي المنتخب المغربي وهم يلوّحون بالعلم الفلسطيني، احتفالاً بالفوز مع الجماهير المغربية في الملعب.
ولا يعدّ تصرّف المنتخب المغربي وجماهيره في مساندتهم للقضية الفلسطينية ورفضهم للتطبيع “وإن كان معنوياً” حالة فردية في المجتمعات العربية، وخصوصاً في الدول التي تنتهج حكوماتها سياسة التطبيع، بل هي تعبّر عن حالة وعي جمعي عربي بأن أيّ تعامل من أيّ شكل مع كيان الاحتلال هو أمر مرفوض بالمطلق، فقد أشار موقع “ذا أتليتيك” الرياضي الأمريكي إلى كيفية تعاطي الجماهير في قطر مع الصحافة “الإسرائيلية”، وكيف يتخفّى الصحفيون “الإسرائيليون” خلال المونديال.
وحسب الموقع، قامت مجموعة من المشجّعين المغاربة برفع الأوشحة أمام كاميرا أحد الصحفيين، وبعد أن علموا أنه “إسرائيلي”، سارعوا إلى المغادرة على الفور. وليس من باب المبالغة القول إن الرفض لكل ما هو إسرائيلي تخطّى العرب، حيث أشار الموقع، إلى أن أحد مقاطع الفيديو الذي لا تتجاوز مدّته خمس ثوانٍ فقط والذي حصد 6 ملايين مشاهدة على تويتر، تضمّن محاولة صحفي “إسرائيلي” التحدّث إلى إحدى المشجّعات اليابانيات، حيث تسأل المرأة “أيّ قناة هذه؟” وعندما علمت أنها تابعة لكيان الاحتلال، ابتعدت عنه على الفور.
ويضيف الموقع: أصبح النفور من “الإسرائيليين” اتجاهاً عاماً على وسائل التواصل الاجتماعي، فقد تلقّت التدوينات التي يرفض فيها مشجّعو كرة القدم في كأس العالم التواصل مع الصحفيين “الإسرائيليين”، آلاف التغريدات والمشاركات. وللمفارقة، ومع تداول الإعلام “الإسرائيلي” تسريباتٍ عن استعداد النظام السعودي للتطبيع مع كيان الاحتلال في حال وافقت الإدارة الأمريكية على شروط خاصة به دون الإشارة إلى القضية الفلسطينية ودون ذكر مبادرة السلام العربية التي رعتها السعودية في يوم من الأيام، يشير التقرير إلى حديث أحد المشجّعين وهو يرتدي قميص المنتخب السعودي لصحفي “إسرائيلي”، حيث خاطبه قائلاً: لا توجد إسرائيل، هذه قطر، هذه بلادنا، أنت غير مرحّب بك هنا، إنها فلسطين فقط. وقد أشار إلى هذا الرفض الشعبي للتطبيع وزير خارجية النظام السعودي في التسريبات ذاتها التي أوردها الإعلام الإسرائيلي، معتبراً أنها تشكّل عائقاً إضافياً أمام التطبيع.
أما في البحرين أحد الدول الموقعة على “اتفاقيات إبراهام”، فقد أُجبر رئيس كيان الاحتلال الإسرائيلي، إسحاق هرتسوغ، على تغيير الجدول الزمني لزيارته إلى المنامة على خلفية التظاهرات المقامة ضده.
وقالت صحيفة “هآرتس”: إنّ تغيير الجدول جرى من أجل “تقليص احتمال الاحتكاك بين هرتسوغ والمتظاهرين”، إذ إنه في الوقت الذي يسعى فيه كيان الاحتلال إلى تسويق نفسه عربياً من خلال عقد اتفاقات إبراهام والدخول في تحالفات عسكرية واقتصادية مع عدد من الدول العربية، يشتدّ الرفض الشعبي العربي لأي علاقة بكيان لا يعرف سوى الإجرام لغةً في التعاطي مع الشعب العربي الفلسطيني، ومهما حاول الصهاينة إخفاء حقيقة حقدهم وكرههم لكل ما هو عربي من خلال إنشاء صفحاتٍ عربية المحتوى لوسائل إعلامهم وناطقيهم العسكريين والحكوميين، فإن تصريحات متطرّفيهم الدينيين، تفضح نيّاتهم الدفينة ونظرتهم الاستعلائية تجاه كل ما لا يوافق معتقداتهم من عرب وحتى يهود وغيرهم، وهو الأمر الذي يتشاركون فيه مع داعش وجبهة النصرة الإرهابيتين وأخواتهما من أيديولوجية تكفيرية وإلغائية للغير، وما الرفض الشعبي العربي لما يسمّى التطبيع مع كيان الاحتلال ورفع الأعلام الفلسطينية في ملاعب كأس العالم وغيرها من الأماكن أمام العالم أجمع سوى دليل على أنه مهما تقاربت وجهات النظر أو اختلفت فإن فلسطين هي البوصلة لكل حرّ.
إبراهيم ياسين مرهج