هل تضمن الوكالة الذريّة أمن زابوروجيه؟
تقرير إخباري
بعد بدء العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا في شباط المنصرم وسيطرة الجيش الروسي بوقت قصير على محطة زابوروجيه للطاقة الذريّة، ورغم بقائها حتى اليوم تُدار بفريق أوكراني، يتساءل متابع للسيناريو هذا: هل سيتم التوصل إلى اتفاق على إنشاء منطقة آمنة حول محيط المنشأة؟ وفي حال تم الاتفاق، كيف سيبدو المشهد حينها؟
قنوات التضليل ومن يساندها زعمت – وفق ما تراءى لها – أن القوات الروسية تنوي الانسحاب من محطة زابوروجيه النووية، في وقت تسعى أمريكا وشركاؤها إلى تزويد نظام كييف بأسلحة جديدة وعالية الدقة، إلا أن الجانب الروسي أكد أن هذه مجرّد ترّهات وأكاذيب ابتُدعت لبث الروح المعنوية لدى المرتزقة الأوكرانيين الذين زُجّ بهم في المحرقة.
الوكالة الدولية للطاقة الذرية تهرّبت من تحديد المسؤول عن تهديد أمن المحطة ولم تسمح لنفسها بتسمية المصادر والجهات المتسبّبة بقصف مستودع لتخزين الوقود النووي، وحوض ماء لتبريد المفاعلات النووية في المحطة الكهروذرية، واليوم يبدو أنها استشعرت الخطر “فأن تصل متأخراً خيرٌ من ألا تصل”، هذا إن طابقت أفعالها تصريحاتها بدعوتها إلى إنشاء المنطقة الآمنة، إثر استمرار قوات كييف بقصف إنيرغودار التي تضمّ المحطة والمناطق المحاذية لها بشكل منتظم، والأكيد أن السيد الأمريكي وحلفاءه اختاروا الوكالة الدولية لتكون المفاوض بين الجانبين الروسي والأوكراني لإنشاء المحمية الخالية السلاح لغاية في نفس الأمريكي الذي يرفض طرح القضية في أروقة مجلس الأمن الدولي، وبالتالي عرض الأدلّة الموجودة في أيدي القوات الروسية حول البيولوجي الأمريكي، حيث ستفقد واشنطن سطوتها وجبروتها أمام أحجار الدومينو التي ستتساقط تباعاً ويغدو القيصر الروسي سيّد العالم.
الجانب الروسي طلب مراراً وتكراراً من الوكالة الدولية للطاقة الذرية الاعتراف بأن قوات كييف هي التي قصفت المحطة، وأن قصف الأخيرة يعدّ جرس إنذار للعالم خشية تحوّل الحرب الأوكرانية إلى حرب نووية عالمية، كما حذر من كارثة تفوق انفجار محطة تشيرنوبل بعدة مرات، وبالتالي سيمتدّ تلوّثها الإشعاعي إلى مئات الكيلومترات شرقاً وغرباً، وستحمل الرياح الإشعاعات إلى مدى أوسع يطول أوروبا بكاملها.
وقد أبدت روسيا رغبة عارمة في إجراء مفاوضات مع الجانب الأوكراني لإقامة منطقة أمنية حول أكبر محطة نووية في أوروبا من حيث عدد الوحدات والقدرة المركبة، ولم تضع أيّ شروط مسبّقة سوى أن تبدي القيادة الأوكرانية حسن نيّة، ليس هذا فحسب، بل منذ انطلاق عمليتها العسكرية في أوكرانيا أبدت استعدادها لإجراء محادثات سلام.
فالمفاوضات مع المنظمة الدولية لا تزال مستمرّة وفق مدير مؤسسة “روسآتوم” الروسية، مع الأخذ بعين الاعتبار الشرط الروسي الوحيد بوجود رقابة دولية على الامتثال للاتفاقيات في هذا الصدد، وأن تكون الرقابة فعّالة، وإلا أصبحت الاتفاقيات حبراً على ورق، كما أكد مستشار “روسآتوم” استحالة انتقال المحطة الكهروذرية إلى إشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية من حيث المبدأ وهي لا تملك صلاحيات إدارة المحطات الكهروذرية.
بالمحصلة، الجانب الروسي لا يثق بالوكالة ولا بالمجتمع الدولي في حماية المحطة، وخاصة بعد انحيازها وتسييسها لتقريرها الذي رفضت فيه الاعتراف علانية بقصف زابوروجيه من قوات كييف، فهل ستصحو اليوم وتعيد الاعتبار لاسمها ومهامها كهيئة دولية وتكون ضامناً لأمن المحطة بإيقاف القصف الأوكراني لزابوروجيه بعيداً عن التسييس وأوهام التدويل؟. الكرة باتت في ملعب الوكالة الذرية وروسيا بانتظار جوابها.
ليندا تلّي