السوق السوداء .. احتكار لافتعال الأزمات وإحباط للحلول وابتزاز للمواطن
دمشق _ بشير فرزان
وصول أسعار بعض المواد كالمازوت والبنزين والغاز إلى أسعار خيالية يطرح العديد من التساؤلات حول السوق السوداء و عملية الاحتكار لبعض المواد الضرورية والغش في بعضها الآخر وغياب الإجراءات الصارمة التي تقطع دابر التلاعب والاحتكار في المواد التموينية والغذائية كلها عوامل تؤدي إلى ظهور السوق السوداء وارتفاع الأسعار وابتزاز المواطنين في وقت تصر فيه الدولة على توفير كل المواد بكميات مناسبة وتغطي الاستهلاك لكن بعض ضعاف النفوس ليس لهم هم سوى الربح غير المشروع ولو كان على حساب لقمة المواطن وحياته.. وليس صحيحاً أن المواد غير متوافرة .. ولو كانت كذلك من أين تتوافر في السوق السوداء وبأسعار كاوية تفوق قدرة المواطن الشرائية.
وباختصار السوق السوداء هي اختلال بين العرض والطلب بين حاجة السوق الفعلية وندرة المادة بهدف رفع الأسعار واستغلال حاجة المواطن المستهلك.. إلا أنها يمكن أن تنشأ في أحيان أخرى. وبالرغم من وفرة المواد الغذائية والتموينية ومن غياب هذا الاختلال.. نلاحظ احتكار بعض المواد وحجبها وعدم توزيعها توزيعاً عادلاً يؤدي إلى إدخال الكثير من المواد التي تفوق وفرتها حاجة المستهلك, أو توازيه إلى أقل تقدير إلى السوق السوداء ، فما هي هذه المواد وكيف توزع وما العوامل والمسببات التي تكون طريقاً لعبورها، إلى السوق السوداء، وأين يكمن دور الرقابة التموينية في قمع هذه الظاهرة.. هذه المواد كثيرة وفي مقدمتها الغاز المنزلي والمازوت وهاتان المادتان اللتان تعدان عصب الحياة للمواطنين في كل ساعة ويوم وحين والذي قلناه حول المازوت والغاز يقال حول مادة البنزين لكن المشكلة أقل حضوراً من سابقتها ولو اقتربت الأساليب في الحالتين وفي الحقيقة إن مادة البنزين لها قول آخر.. لأن توزيعها محصور بالمحطات ولاتستخدم للتدفئة المنزلية، فالمادة كما هو معروف ضرورية للحركة والتنقل وغير ذلك وكلنا يعلم وبدقة أهمية توافرها لشاغلي الطرق الداخلية والخارجية أيضاً، كل ذلك وسط التأكيدات من الجهات المعنية بتوافر كميات كبيرة من المواد المذكورة سابقاً تكفي حاجة الاستهلاك ولا توجد مشكلة بالأساس .. ولكن كما ذكرنا سابقاً الاحتكار لهذه المواد يؤدي إلى افتعال الأزمات وخلق المشكلات وظهور السوق السوداء.. والتي تكوي بنارها المواطن المحتاج وهناك مواد تموينية وغذائية أخرى يتم احتكارها من قبل ضعاف النفوس بهدف التحكم بأسعارها وابتزاز المواطنين المستهلكين. لكن والحال كما هي عليه لايمكن أن نسقط من حساباتنا عمليات الغش التي ترافق عملية الاحتكار.. ولكن للغش في المواد دوافع وأساليب عديدة ومن أهمها الربح غير المشروع من خلال الغش في المواصفات والأسعار والأوزان.. ويعد الغش في المحروقات من أخطر أنواع الغش في المواد على وجه الإطلاق نظراً لحساسية هذه المادة في حياة المواطن ومحذورات استعمالها بغير وجهها النقي الخالي من الشوائب كما يعد الغش في المنظفات والصابون والشامبو من أكثر أنواع الغش شيوعاً لمساس هذه المواد الحيوية بحياة المواطن اليومية.
ويبدو أن القرارات التي تتخذ كقرار بيع المازوت والبنزين للفعاليات الاقتصادية والتجارية بأسعار جديدة لن تكون فعالة في الوقت الحالي نظراً لقلة المواد وهذا مايزيد من نشاط السوق السوداء وتفعيل ظاهرة الاحتكار والخلل في العرض والطلب فعشرات المستهلكين أكدوا أن الاحتكار يؤدي إلى رفع الأسعار وابتزاز المواطنين فاحتكار مادة المازوت من قبل بعضهم يؤدي إلى رفع سعرها حتى وصل سعر الليتر الواحد إلى /20 الف / ليرة سورية كما أن احتكار الغاز المنزلي وعدم توزيعها بشكل عادل يؤدي إلى مضاعفة سعرها وعدم الحصول عليها حين الحاجة والطلب.
وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك تؤكد على أن دورياتها تقوم على مدار 24/ ساعة بعملها الموكل إليها وفق الأنظمة والقوانين حيث تقوم هذه الدوريات بمراقبة كل أوجه النشاط التمويني ومنها مراقبة محطات الوقود والمخابز والأسواق ومراقبة جميع المواد الغذائية والتموينية وتدقيق تاريخ الإنتاج والصلاحية والمواصفات الأخرى ومنع الاحتكار والعمل على توفير المواد بالسعر النظامي.. وكان لرقابة مواصفات المواد الغذائية الدور الهام بأعمال شعبة حماية المستهلك من حيث أخذ العينات الغذائية وغير الغذائية لإحالتها إلى مخابر المديرية ليصار إلى تحليلها للتأكد من مدى مطابقتها للمواصفات المحددة لها
كما أشارت الوزارة في تصريحاتها المتتالية إلى الأحاديث والانتقادات التي توجه حول غياب الرقابة التموينية حيث تتساءل ماذا يعني غياب الرقابة.. فإذا كان يعني ارتفاع أسعار المواد وهو الأرجح فهي تؤكد.. إن مراقبتها ليست ملزمة بوضع التسعيرة للبائع بل مهمة المراقب ضبط أي مخالفة يجدها لدى البائعين في الإعلان عن أسعار المواد المعروضة للبيع من قبلهم – صلاحية المادة – بطاقات البيان – وتداول الفواتير – وفي حال عدم وجود تلك العناصر يقوم المراقب بتنظيم الضبط التمويني اللازم.
ودعت الوزارة في أكثر من مرة جميع المواطنين إلى عدم التواني عن إعلامها بأية شكوى والتعاون معها لتتمكن من تحقيق رقابة أفضل والحفاظ على الأسعار ومنع الاحتكار والتلاعب ما أمكن.