زيلينسكي يطيل الحرب بإيعاز من واشنطن
تقرير إخباري:
بدا واضحاً من خلال مجريات الأزمة التي يعيشها العالم حالياً على خلفية الاستهداف الممنهج لروسيا عبر أوكرانيا، والعقوبات الأحادية المفروضة عليها من الغرب، أن هناك أطرافاً مستفيدة من استمرار الصراع في هذا البلد، ورغم أن هذه الاستفادة يمكن أن تكون آنية وغير محمودة النتائج على المدى البعيد، غير أن الولايات المتحدة الأمريكية التي وقفت منذ البداية خلف الثورة الملوّنة في أوكرانيا التي أطاحت بالنظام الشرعي الحاكم فيها وجاءت بالنظام الحالي التابع لها، تصرّ على إطالة أمد النزاع في محاولة بائسة لإضعاف روسيا عبر حرب بالوكالة بدأت من العمل على شيطنتها وتشييع مصطلح “روسوفوبيا” في الغرب، وصولاً إلى فضّ الشراكة الاقتصادية التي كانت قائمة بينها وبين الاتحاد الأوروبي عبر مشاريع الطاقة، وذلك دون حساب حتى لمصالح مَن تسمّيهم حلفاءها الغربيين الذين يبدو أنهم وعلى خلاف ما منّتهم به واشنطن من أنها ستجعل موسكو تجثو على ركبتيها، باتوا يحلمون باليوم الذي يمكنهم فيه أن يجثوا على رُكبهم للخروج من المستنقع الذي دخلوا فيه، وخاصة أن أوكرانيا تحوّلت إلى ثقب أسود يستنزف القارة بأكملها.
فقد صرّح نائب مدير معهد رابطة الدول المستقلة، فلاديمير زاريخين، بأن رئيس النظام الأوكراني فلاديمير زيلينسكي بخطابه أمام زعماء الـG7 أكّد عزمه على إطالة أمد الصراع وتوسيع رقعة الأعمال العسكرية.
جاء ذلك في حديث الخبير زاريخين لوكالة الأنباء الروسية “نوفوستي”، حيث تابع بأن مقترح “الثلاث خطوات” لإحلال السلام في أوكرانيا، الذي تقدّم به زيلينسكي، يؤكد ذلك، بما يتضمّنه من توريد أسلحة بعيدة المدى، وتزويد أوكرانيا بالدبابات والمدفعية والقذائف الحديثة، حيث إن ذلك في واقع الأمر “ليس دعوة للسلام، وإنما دعوة لضمان توسيع الأعمال العسكرية، بالنظر إلى أنها تتطلب إمداداً متزايداً بأسلحة بعيدة المدى”.
وقال الخبير: “بالطبع، يتوقع زيلينسكي استمرار الصراع العام المقبل، بما في ذلك قصف الأراضي الروسية”، مشيراً إلى أن انتصار كييف عسكرياً أمر مستحيل، وزيلينسكي، على الرغم من إدراكه لذلك، يتصرّف بناء على أوامر من واشنطن.
وأضاف زاريخين: “إن ذلك استمرار لسياسة القيادة الأوكرانية لتحقيق السلام من خلال الانتصار العسكري، وبما أن ذلك في الواقع مستحيل، حتى مع تزويد الغرب لأوكرانيا بأنظمة المدفعية والصواريخ البعيدة المدى، فهذا يعني أنه يفي بالتثبيت الذي قدّمته الولايات المتحدة الأمريكية له، حيث من الممكن أن يستمرّ هذا الصراع لفترة أطول، بغض النظر عن الخسائر الفادحة التي تكبّدها الجيش الأوكراني”.
وهذا طبعاً يؤكّد أن واشنطن مستعدّة لقتال روسيا ليس حتى آخر جندي أوكراني فحسب، بل حتى آخر يورو موجود في خزائن أوروبا، لأن الاستمرار في هذا الصراع يعني استمرار استنزاف مقدّرات أوروبا حتى لو لم تكن مستمرّة بإمداد أوكرانيا بالسلاح.
من جهة ثانية، أكد الكاتب الأمريكي، والتر راسل ميد، أن الأزمة الأوكرانية يجب أن تنتهي بسلام دائم بمشاركة الولايات المتحدة.
وأضاف ميد، لصحيفة The Wall Street Journal: “لا نريد استمرار العقوبات ضد روسيا فهي تدمّر الاقتصاد العالمي، وتدفع أوروبا إلى حرب مستمرة، يجب إنهاء الأزمة الأوكرانية بمعاهدة سلام، لا بهدنة مسلّحة تنفجر في أية لحظة”.
وحث إدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، على التفكير في الاتفاقات التي ينبغي التوصل إليها لتحقيق السلام بين روسيا، والغرب، وأوكرانيا، واقترح عدداً من الشروط لتحقيق ذلك.
منها تحقيق السلام في أسرع وقت ممكن لتجنّب المزيد من الدمار، وضرورة “معاقبة روسيا على عدوانها” بشرط ألا تنتهي بتفكيك أوصال روسيا الاتحادية مهما كانت الاتفاقيات.
وأكد ميد، أن سياسة حلف الناتو في التوسع خاطئة، مشيراً إلى ضرورة تطوير نظام الحلف الأمني.
وأوضح، أن استمرار الأوضاع على هذه الحال، سيؤدّي إلى انتشار الفوضى والحروب في القوقاز، وصعود الصين، وانتشار الأسلحة النووية ومكوّناتها للبيع لمن يدفع أكثر.
وأشار ميد، إلى أن تحقيق جميع الشروط مهمّة صعبة، وأن المفاوضات مع روسيا ستكون صعبة لكنها حتمية.
وواضح طبعاً من خلال ما جاء في حديث الكاتب أن هذه الشروط هي محاولة ربّما لإغراء موسكو بضرورة إنهاء الحرب في أوكرانيا وفقاً لشروط الولايات المتحدة، بمعنى أنه لا ينبغي أن تخرج روسيا منتصرة انتصاراً ناجزاً في هذه الحرب، وبالتالي إذا أرادت روسيا إنهاء الحرب فعليها أن تقرّ أوّلاً بشروط واشنطن المفاوض الحقيقي لإجبار زيلنسكي الدمية على التفاوض معها لإنهائها، كما أن هذه الشروط بحدّ ذاتها محاولة رخيصة لابتزاز روسيا عبر الإيحاء بإمكانية إثارة القوقاز، أو نشر السلاح النووي على نطاق واسع في محيط روسيا، وهذا جزء من الابتزاز النووي الذي تتحّدث عنه موسكو.
طلال ياسر الزعبي