مجلة البعث الأسبوعية

العقوبات المالية تؤرق الأندية … والبدائل إيقاف اللاعبين أو نقل المباريات

البعث الأسبوعية-عماد درويش

لا يكاد يمر أسبوع واحد من الدوري سواء أكان لكرة القدم أم السلة إلا وتقوم لجنة الانضباط في الاتحادين المذكورين (المحترفين) بإصدار عقوبات وغرامات مالية بحق اللاعبين والجماهير والأندية، بعض تلك العقوبات وصل لمبالغ مالية كبيرة أكثر من مليوني ليرة سورية، وهذ مبلغ يشكل ضغطاً مالياً على أي ناد خاصة وأن الموسم ما زال في بدايته، وإذا استمر الحال على نفس المنوال فقد تصل العقوبات إلى عشرات الملايين من الليرات، وهي مبالغ لا طاقة للأندية على دفعها.

 ضائقة مالية

تعيش أندية دوري المحترفين (القدم والسلة) في ضائقة مالية مستمرة نتيجة زيادة المصروفات عن قيمة الإيرادات، وعجز تلك الأندية عن الحصول على موارد مالية جديدة، تفوق ريع المباريات والدعم المقدم من اتحادي اللعبتين وجوائز البطولات (الدوري والكأس) سيما في ظل تواضع قيمة عقود الرعاية والتسويق التي توضع على قمصان اللاعبين من قبل الشركات.

وفي كل موسم تتكرر الخلافات بين الأندية واللاعبين والمدربين، بسبب تأخر الأندية في صرف الرواتب الشهرية وجزء من مقدمات العقود، كون الدفعات الشهرية التي تتلقاها الأندية من قبل مستثمريها قد تأتي أحيانا بالرقم “صفر”، نتيجة وجود عقوبات مالية من قبل اللجنة التأديبية بحق تلك الأندية إلى جانب وجود مستحقات شهرية مترتبة لعدد من اللاعبين.

فالوضع يتمثل بأن هناك مدربون ولاعبون يغيبون عن التدريبات أو يهددون بالغياب، وأندية تستدين من بعض رجال الأعمال لسداد تلك الرواتب المستحقة أو جزء منها، والصورة تبدو قاتمة لأن الوضع الحالي لا يبشر بالخير، ويجعل الأندية تحت ضغط مستمر من قبل لاعبيها ومدربيها.

وفي كل موسم يرفع الكثير من اللاعبين قضايا على أنديتهم لاتحاد اللعبة المعنية، وعندما يصدر القرار تجد تلك الأندية أنها مطالبة بسداد عشرات الملايين من الليرات، ولأنها لا تملك اموالاً في خزائنها “كاش” فإنها تطلب من اللاعبين الذهاب الى اتحاد اللعبة لتقديم شكوى عليها والحصول على مستحقاتهم مباشرة من الاتحاد وعلى دفعات شهرية.

تعليمات دولية

تلك القضايا لم تعد مجدية خاصة مع صدور تعليمات جديدة من قبل الاتحادين الدوليين لكرة القدم “الفيفا” وكرة السلة “الفيبا”، ذلك أن التعديلات الجديدة ستسمح لكل لاعب لم يتقاض راتبه الشهري لمدة شهرين من ناديه، أن يقوم بفسخ عقده مع النادي والاتجاه الى نادٍ آخر مع احتفاظه بحقه القانوني بقيمة الرواتب التي لم يحصل عليها، ما يشير الى أن الساحة الرياضية ستكون عرضة لكثير من حالات فسخ العقود في الموسم المقبل، إذا ما عجز النادي عن دفع الراتب الشهري للاعبه لمدة شهرين متتاليين.

وربما تتحمل الأندية جزء كبيراً من المسؤولية لأنها تتسابق فيما بينها لاستقطاب أكبر قدر من اللاعبين المحترفين من الداخل والخارج، من دون أن تكون قد وفقت في الاختيار من الناحية الفنية، لأن عدداً من هؤلاء اللاعبين قد يجلسون مطولاً تارة على مقاعد الاحتياط وتارة على المدرجات، كذلك تجد نفسها أمام فاتورة رواتب شهرية لا تستطيع تغطية سوى جزء بسيط من قيمتها، وهي من القضايا التي يبت بها “الاتحاد الدولي” وتجبر الأندية على الدفع بسرعة ، كما يقوم الاتحاد الدولي “للعبتين”  باتخاذ إجراءات اخرى غير مالية قد تشمل حسم نقاط من رصيد النادي في بطولة الدوري المحلي.

حلول بديلة

الكثير من كوادر الرياضة وإدارات الأندية رأت أن العقوبات التي يصدرها اتحادي كرة القدم والسلة مجحفة بحقها سواء أكانت ضد اللاعبين أم الجماهير، فالعقوبات المالية سيئة للغاية وهي لم ولن تردع، وهي بكل تأكيد مكلفة وتشكل أعباءً على خزينة النادي خاصة الذي لا يمتلك منشآت وداعمين، وعلى الاتحادين المذكورين إيجاد حلول بديلة للعقوبات التي تُفرض دائمًا بسبب شتم جمهور أو اعتداء على طاقم الحكام أو عقوبات على اللاعبين، فيجب دراسة أسباب المخالفات والأهم تثقيف اللاعب والجمهور ليبعد ناديه عن العقوبات، وعلى الأندية أن تناقش العقوبات في اجتماع الجمعية العمومية لكل اتحاد بهدف تعديل نظام العقوبات واستبدالها بعقوبات تتناسب مع إمكانيات الأندية، منها على سبيل المثال (حسب رأي تلك الكوادر) حرمان الجمهور من حضور المباريات، أو حذف نقاط للنادي بمسابقة الدوري، أو نقل المباريات خارج الأرض، وهو ما كان متبعاً فيما مضى.

محكمة رياضية

هذه النزاعات يتطلب من القائمين على رياضتنا إيجاد الطرق المناسبة لفضها بشكل قانوني بعيداً عن “تبويس الشوارب” وهو ما أشار إليه الكثيرون من الغيورين على رياضتنا وبأكثر من موقف كل ذلك وغيره من القضايا تؤكد أن رياضتنا باتت بحاجة لتأسيس محكمة رياضية أسوة بالمحكمة الدولية (كاس) لكي يتم فض القضايا التي ترفع بالعشرات من قبل اللاعبين والمدربين في كل موسم سواء أكان بكرة القدم أم السلة أو غيرها من الألعاب، والصورة تبدو قاتمة في ظل تفشي ظاهرة فسخ العقود بالتراضي، والأصح أن يكون هناك محكمة رياضية تكون معنية عن إعطاء كل ذي حق حقه (حقوق النادي أو اللاعب أو المدرب …إلخ).

ولا شك أن اتحادي القدم والسلة يتعرضان لانتقادات واسعة حول تدني المستويات، وتخبطات عديدة بمختلف منافساتها، فاللجوء لفرض غرامات مالية وإدارية على العديد من الأندية لأسباب متفرقة لا يصبّ في مصلحة اللعبتين المحترفتين في رياضتنا، والمطلوب في ظل الظروف الحالية إيجاد السبل الكفيلة بالنهوض باللعبتين بدلاَ من فرض عقوبات لن تكون رادعة في ظل الإمكانيات غير المتاحة للأندية.