وزارات “خاوية” ؟!
“البعث الأسبوعية” ــ بشير فرزان
اليوم، مع تضاعف الأعباء المعيشية، لا بد من وضع النقاط على الحروف في هذا الملف المهم، والاعتراف أن سنوات الحرب والحصار كشفت عن وزارات “خاوية”، فلم تستطع سنوات طويلة من البحث والتشخيص في أمراض العمل الوظيفي والإداري، في كل مستوياته، إشباع الرغبة العامة بالتغيير الحقيقي الذي – وللأسف – سجل فقط في الآلاف من الشعارات والمحاضرات والاجتماعات واللقاءات الدائرة في فلك التنظير الإداري، والتي لم تستطع تحقيق تطلعات الشارع، وبقيت مجرد حبر على ورق ومسودات لمشاريع لم، ولن، يكتب لها النجاح، طالما يتم التعامل مع المنصب كامتياز شخصي على حساب المصلحة العامة التي فقدناها في زحمة المصالح الشخصية المتشظية بتداعياتها على الحياة العامة.
والمتابعة البسيطة لسيرورة العمل الوزاري تثبت حضور غالبية الوزراء تحت أضواء الكاميرات ليراقبوا سير العمل وواقع الأسواق وغيرها من القضايا التي تدور حولها دائما شبهة “الاستعراض” الحاضر بامتياز على صفحات التواصل الاجتماعي وفي الصحف ووسائل الإعلام وهم يستمعون للهموم ويدلون بدلوهم في جب الإنجازات التي هي بالأساس أشباه إنجازات كونها تشكل المهام الأساسية، ولم تنجز أو تتقدم إلى ما بعد خط العمل الروتيني المطلوب.
إن كلمة “خاوية” أيقظت الكثير من المقارنات وأحييت الفوارق التي قد يؤدي إقحامها في الحياة العامة إلى زعزعة ثقة المواطن الذي اعتاد أن ينام محتضناً أحلام الوعود المتواجدة خلال الجلسات والاجتماعات الأسبوعية التي استسهلت اعتماد التصريحات الفضفاضة تحت عنوان كبير “رضا الناس”، في حين أن الواقع بريء كل البراءة من آثام ذلك الاقتناع المبرمج بفكرة النجاح الحكومي في تضميد الجروح المعيشية والاقتراب من خط النهاية في كل ما يخص واقعه الخدمي والاقتصادي والاجتماعي.. هذا عدا عن الجنوح الفكري بالقدرة على التخطيط لعشرات السنين وتجاوز مرحلة التخطيط الاستشرافي المحددة – حسب الخبراء – بفترة لا تزيد عن عشرين عاماً قادمة.
ومن المؤسف أن تصطف الهموم الخدمية والأعباء المعيشية التي تمثل الحقيقة الكاملة وراء العديد من أشباه الأعذار والمبررات التي تقدم لإخراج هذا المسؤول، أو ذاك، من قفص الاتهام بالتقصير إلى ساحات العمل الخلبي.. نعم كل ما يريده المواطن هو الشفافية والمصداقية وإزاحة ستارة الحرب ومعالجة الخلل واحترام الحقوق التي يتم التلاعب بها, ونسجل هنا اعترافاً أخر يتمثل بتهلفنا لموقف حضاري ناضح بالمصداقية والمسؤولية واحترام الذات ومتوجاً باختيارات ترضي الشارع، وتعيد الثقة بالعمل المؤسساتي، بدلا من الاستمرار في تقديم الأشباه على كافة الصعد.