أخبارصحيفة البعث

بين باتريوت “الألماني” وباتريوت “الأمريكي”

تقرير إخباري:

تحاول الإدارة الأمريكية إضفاء نوع من الغموض على نيّتها تزويد نظام كييف بنظام الدفاع الجوي الأمريكي “المتطوّر” باتريوت، وذلك ربّما في محاولة لاستمزاج رأي موسكو حول هذا التوجّه والمدى الذي يمكن أن يقود إليه هذا التصرّف العدواني، حيث أعلنت روسيا مباشرة عبر الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، أن منظومة باتريوت الأمريكية ستكون هدفاً سهلاً ومشروعاً للقوات الروسية، وذلك كي تؤكد لواشنطن أن انخراطها المباشر في الحرب الدائرة الآن لا ينبغي أن يمرّ دون رد، وأن موسكو ستذهب بعيداً في ذلك ما دام الدعم الأمريكي لنظام كييف قد بلغ هذا المبلغ.

ورغم أن الإدارة الأميركية لم تؤكد الأنباء التي نُشرت بشأن إمكانية إمداد كييف بأنظمة صواريخ “باتريوت”، وذلك بعد تسريبات الإعلام الأميركي أن الإدارة الأميركية تضع اللمسات الأخيرة على خططها تزويد أوكرانيا بأنظمة دفاع صاروخية من طراز “باتريوت”، وأن “خطة البنتاغون لا تزال بحاجة إلى موافقة وزير الدفاع لويد أوستن قبل إرسالها إلى الرئيس جو بايدن للتوقيع عليها” وأن “من المتوقع أن يوافق عليها”، حيث إن الإدارة الأمريكية تستخدم عادة أسلوب التسريبات في الحديث عن رغباتها.

غير أن البنتاغون نفى في الـ29 من تشرين الثاني ما جاء على لسان أحد مسؤوليه بشأن نيّة الولايات المتحدة تزويد أوكرانيا بمنظومة “باتريوت” للدفاع الجوي، حيث أكد الناطق الرسمي باسم الدفاع الأميركية باتريك رايدر أن “الدفاع الجوي لا يزال يمثل أولوية قصوى، لكن مثل هذه المنظومات المتقدمة يحتاج إلى كثير من جهود الصيانة والتدريب، وهي مسألة تدخل في الحسابات المتعلقة بأشكال الدعم المقدّم لأوكرانيا”.

ولكن ربما أدّى ردّ الفعل الروسي الواضح إلى تخفيف لهجة البنتاجون حول هذا الموضوع، حيث عاد ليتحدّث عن صعوبة نشر هذه المنظومة التي تحتاج إلى طواقم أكبر بكثير أي إلى عشرات الأفراد لتشغيلها بصورة صحيحة، وعادةً ما يستغرق التدريب على بطاريات صواريخ “باتريوت” عدة أشهر.

فتزويد كييف بهذا النظام يختلف بشكل واضح عن تصريح الرئيس البولندي أندريه دودا الذي أكد أن بلاده ستبدأ بالعمل على نشر أنظمة صواريخ “باتريوت” الألمانية المضادة للطائرات عند الحدود مع أوكرانيا في الأيام المقبلة، حيث لا يمثل نشر باتريوت على الأراضي البولندية مشكلة في الحرب الدائرة حالياً في أوكرانياً، ما دام هذا النظام لن يُستخدم فعلياً في دعم الجيش الأوكراني من داخل الأراضي البولندية، وربما استُخدم الصاروخ الأوكراني الذي سقط في بولندا وأدّى إلى مقتل شخصين هناك ذريعة لنشر هذه المنظومة.

فقد قال دودا بعد اجتماع مع نظيره الألماني، فرانك فالتر شتاينماير: “أنا هنا اليوم في برلين، كي أشكر السلطات الألمانية على قرارها إرسال بطاريات باتريوت إلى بولندا لحماية أراضيها”.

وأضاف: إنّ “البولنديين يعدّون هذا الأمر بادرة مهمّة، وخصوصاً بعد الحادث الذي وقع على الحدود الشرقية، عندما قتل مواطنان إثر سقوط صاروخ، ما أثار مخاوف كثيرة في المجتمع البولندي، ومن الواضح للجميع أنه من الضروري تعزيز الدفاع الجوي والصاروخي لبولندا”.

وتمنّى دودا أن تلتقي المجموعات ذات الصلة من الخبراء البولنديين والألمان في الأيام المقبلة، لتحديد موقع بطاريات باتريوت، وبعد ذلك ستعمل هذه البطاريات قريباً على تشكيل الحماية.

وواضح أن الرئيس البولندي تعمّد ألا يذكر جنسية الصاروخ الذي سقط على الأراضي البولندية، رغم أنه لم يعُد سرّاً أن الصاروخ أوكراني.

أما وزيرة الدفاع الألمانية كريستين لامبرخت فقد صرّحت بذلك حيث قالت: “سقوط صاروخ أوكراني في بولندا أظهر ضعف نظام الدفاع الجوي الأوروبي”، موضحةً أن سلاح الجو الألماني يعاني مشكلاتٍ خطيرة بعد الادّخارات في العقود الماضية.

ولكن هذا التصريح يؤكّد من جهة ثانية، أن الحكومة الألمانية قدّمت لبراغ منظومة دفاع جوي قديمة متهالكة تم تكديسها فترة طويلة في مخازن السلاح الألمانية.

إذن، هناك فرق واضح طبعاً بين نشر باتريوت الألماني على الأراضي البولندية وهما عضوان في الناتو، وبين نشر نظام باتريوت الأمريكي على الأراضي الأوكرانية أو تزويد كييف به، فالأمر في الحالة الثانية يعدّ انخراطاً مباشراً للولايات المتحدة في الحرب على روسيا، وبالتالي اصطدام الناتو مع روسيا في أوكرانيا بشكل مباشر.

 ميادة حسن