أبحاث قيّمة على الرف!!
غسان فطوم
للسنة الرابعة على التوالي تقيمُ كلية الاقتصاد بجامعة دمشق مؤتمر طلبة الدراسات العليا، وعقد هذا العام تحت شعار “مساهمات اقتصادية وتنموية” في إشارة إلى أهمية دور البحث العلمي في عملية التنمية حاضراً ومستقبلاً.
المؤتمر الذي عُقد مطلع هذا الأسبوع، واستمر ليوم واحد، تمّ خلاله عرض سبعة عشر بحثاً نوعياً بمواضيع ذات أهمية بالغة، كان من أبرزها على سبيل المثال لا الحصر بحث حول “أثر المواقف المهنية المتقلبة وغير المحدودة في النجاح المهني الشخصي والدور الوسيط للمقدرة على التوظيف والالتزام المهني”، موضوع البحث يطرح لأول مرة في سورية، وهو يعالج مشكلة التسرّب الكبير الحاصل في أعداد المهنيين المستقيلين المنتسبين للنقابات المهنية بسبب الهجرة خارج القطر بحثاً عن مناخ أفضل للعمل، وقدّم البحث عدة توصيات، كالعمل على دعم المواقف المهنية المتقلبة للمهنيين المستقيلين وإقامة ورشات عمل للمساعدة في الحدّ من هذا التسرب، ولم تكن مواضيع الأبحاث الأخرى أقل أهمية عن هذا البحث، وبمجملها تؤكد أن هناك حماساً كبيراً لدى طلبة الدراسات العليا على إنجاز البحوث رغم كل الظروف الصعبة التي يعانونها، لكن تبقى المشكلة المزمنة في عدم تبني تلك الأبحاث المهمّة!.
هنا ثمة أسئلة تطرح نفسها: أين الصندوق الذي خُصّص لدعم البحث العلمي في وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، أليس من المفروض أن يكون حاضراً وخزائنه مفتوحة لدعم الأبحاث المميزة وتطبيقها فعلياً على أرض الواقع، وأين إدارات الجامعات من هذه الأبحاث، وهي التي تعيد مئات الملايين نهاية العام إلى خزينة الدولة لعدم التمكن من صرفها؟!.
من المؤسف أن تبقى أبحاث المؤتمر بعيدة عن الاهتمام، لجهة تبنيها وتطبيقها بغية الاستفادة منها، أبحاث بهذا الحجم الكبير من الأهمية غير مقبول أبداً تركها حبيسة الأدراج أو عرضها في واجهات مكتبات الكليات للتغني بها في المناسبات!.
بالمختصر، المؤتمر بات تقليداً سنوياً مهماً لعرض أفكار الطلبة الذين يثبتون في كلّ عام قدرتهم على إنجاز الأبحاث، ولكن إن بقي التعامل معها بهذه الطريقة من اللامبالاة فربما سيحجم الكثير منهم عن المشاركة وهم يرون تعبهم وجهدهم يذهب أدراج الرياح!.