بوتين: روسيا تتعرّض لعدوان غربي غير مسبوق يستهدف اقتصادها
موسكو – تقارير:
لاشك أن الغرب الجماعي وعلى رأسه الولايات المتحدة الأمريكية، كان يهدف أساساً من خلال استخدام أوكرانيا، إلى إضعاف روسيا وتدميرها وحتى تقسيمها على أساس عرقي قومي أو ديني، وقد افتعل الأزمة مع روسيا ليتمكّن من خلالها من الإعلان عن برنامج العقوبات الذي ظنّ أنه سيكون الأداة الناجعة لهزيمة روسيا وسحقها، غير أن الأمور سارت فعلياً بما لا تشتهيه سفن الأطلسي، حيث تعرّضت أغلب الاقتصادات الغربية إلى ما كان ينبغي أن يتعرّض له الاقتصاد الروسي من تضخّم وارتفاع في أسعار السلع والمواد، فضلاً عن الانهيارات الواضحة في العملات الغربية الرئيسة، وبالتالي أدّى الصمود الروسي في وجه هذا العدوان إلى ما يشبه الانهيار في صفوف التحالف الغربي، حيث بات كل طرف يبحث بشكل مستقل عن إنقاذ اقتصاده.
وفي شرح دقيق لما كان يخطّطه الغرب لروسيا، وصف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تصرّفات الغرب ضد روسيا بـ”الحرب الاقتصادية”، مؤكداً أن بلاده تتعرّض لعدوان غير مسبوق من أجل سحق اقتصادها والعقوبات المفروضة ضدّها أدّت في الوقت نفسه إلى أرقام قياسية للتضخّم في بلدان أوروبا.
وفي كلمة له عبر تقنية الفيديو في اجتماع مجلس التنمية الاستراتيجية والمشاريع الوطنية اليوم، قال بوتين: إن الغرب شنّ عقوباتٍ عدوانية غير مسبوقة ضد روسيا، كانت تهدف في وقت قصير وبشكل أساسي إلى سحق اقتصادنا من خلال سرقة احتياطاتنا من العملات الأجنبية، وإلى انهيار العملة الوطنية وإحداث تضخّم مدمّر.
وأوضح بوتين أن أهداف الغرب لم تتحقّق على أرض الواقع الذي يراه الجميع، حيث عمل رجال الأعمال والسلطات الروسية بطريقة مركزة ومهنية، وأظهر المواطنون تضامناً ومسؤولية وبفضل العمل المشترك للحكومة والبنك المركزي الروسي والمواطنين استقرّ الوضع.
ولفت بوتين إلى أن حجم الصادرات الروسية ارتفع بنسبة 42 بالمئة على الرغم من العقوبات خلال الأشهر التسعة الماضية، مبيّناً أن التحوّل إلى الدفع بالروبل مقابل الغاز هو أحد الأسباب الرئيسة التي جعلته أقوى العملات في العالم في عام 2022.
وأشار الرئيس الروسي إلى أن فائض الميزانية الفيدرالية بلغ 560 مليار روبل أي ما يعادل 8.6 مليارات دولار وسيتم تنفيذ ميزانية روسيا بعجز بسيط يصل إلى نحو 2 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، وهو أحد أفضل المؤشرات في مجموعة العشرين، مؤكداً الحفاظ على السياسات المالية والاقتصادية المسؤولة والوفاء بالالتزامات الاجتماعية.
وشدّد الرئيس الروسي على أن موسكو لن تتبع طريق العزلة الذاتية والاكتفاء الذاتي، وإنما سترتقي بالتفاعل مع شركائها في الخارج إلى مستوى جيد، وستبحث عن شركاء واعدين أكثر من الاتحاد الأوروبي لإعادة توجيه إمدادات الطاقة كما ستزيد إمدادات الغاز نحو الشرق.
ولفت بوتين إلى أن روسيا ستقوم بإنشاء منصّة محور الغاز الإلكترونية، وسيتم تحديد السعر لأوروبا في الأشهر المقبلة، واصفاً سياسات الاتحاد الأوروبي بشأن أسعار الغاز بـ”الجنون”.
من جانبه، أعلن المتحدث الرسمي باسم الرئاسة الروسية ديمتري بيسكوف أن ردّ بلاده على إجراءات الدول الغربية فرض سقف لأسعار النفط الروسي سيصدر هذا الأسبوع.
ونقل موقع روسيا اليوم عن بيسكوف قوله اليوم: إن مرسوم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بشأن إجراءات الردّ على فرض سقف لأسعار النفط الروسي سينشر هذا الأسبوع.
وكانت الدول الغربية فرضت سقفاً لسعر النفط الروسي عند 60 دولاراً ودخلت تلك الإجراءات حيّز التنفيذ في الـ5 من كانون الأول الجاري وهو ما عارضته موسكو بشدة.
إلى ذلك، أكدت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، أن الولايات المتحدة لن تكون قادرة على التهرّب من مسؤولية تورّطها بالإرهاب ضد الشعب الروسي، بعد مساعدتها لكييف في هجماتها ضد روسيا.
وقالت زاخاروفا خلال مؤتمر صحفي في موسكو اليوم: “إن الهجمات التي شنّها النازيون الأوكران على مدن وبلدات روسية بما في ذلك الهجوم الصاروخي على مدينة كلينتسي في منطقة بريانسك في الثالث عشر من الشهر الجاري تتم بموافقة من الولايات المتحدة التي تشارك بشكل مباشر في هذا الإرهاب بأنظمة المدفعية والصواريخ، ومن خلال تزويد القوات الأوكرانية بمعلومات استخبارية عبر الأقمار الصناعية”.
وأضافت زاخاروفا: “بهذا الدعم أعلن السياسيون الأوكران بالفعل عزمهم ضرب البنية التحتية الحيوية في موسكو، ولن تتمكّن واشنطن التي أصبحت في الواقع طرفاً في النزاع من التهرّب من مسؤولية التورّط في الإرهاب الذي أطلقه نظام كييف ضد المدنيين في روسيا، ولن تتمكّن من تخليص نفسها من المسؤولية عن الموت والدمار اللذين تسبّبهما الأسلحة التي تقدّمها له”.
وأشارت زاخاروفا إلى أن تقديم واشنطن أنظمة صواريخ باتريوت المضادة للطائرات لنظام كييف سيزيد من خطر مشاركة الجيش الأمريكي مباشرة في الصراع في أوكرانيا، مبيّنة أن مواصلة الغرب ضخّ الأسلحة لأوكرانيا يطيل أمد الصراع ويزيد معاناة الشعب الأوكراني.
وشدّدت المتحدثة باسم الخارجية الروسية على أن روسيا تعدّ جميع هذه الأسلحة أهدافاً مشروعة لقواتها، وسوف يتم تدميرها أو الاستيلاء عليها.
ولفتت زاخاروفا إلى أن نظام كييف يواصل ارتكاب جرائم حرب ضد المدنيين في دونباس ومناطق أخرى، مشيرة إلى أن الأمم المتحدة تعرف كل ذلك لكنها لا تتحدّث علناً عنه، الأمر الذي يتطلب منها توخي الموضوعية عند تقييم الأوضاع في أوكرانيا.