سورية ملجأ المقاومة ووجدانها
علي اليوسف
من الطبيعي أن تكون سورية ملجأ المقاومة، فهي قلب تلك المقاومة وروحها ووجدانها، ولعلّ زيارة رئيس المجلس الوطني الفلسطيني روحي فتوح إلى سورية قبل أيام، وبحثه مع وزير الخارجية والمغتربين فيصل المقداد تطورات الأوضاع في المنطقة، وخصوصاً على الساحة الفلسطينية، أكبر دليل على أن البوصلة المقاومة لا بدّ أن يكون مستقرها في دمشق.
ورغم الملمات التي أصابت الجسد السوري، إلا أن فلسطين لم تغب يوماً عن هاجس دمشق التي لم تترك مناسبة، رغم آلامها الداخلية، إلا وأدانت ممارسات الاحتلال الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وهدمه للمدارس، ونشر المستوطنات غير الشرعية، وقتله الأطفال والأبرياء من الفلسطينيين المتمسّكين بأرضهم. وحتى في المحافل الدولية.. ولم تترك سورية مناسبة إلا وأشارت إلى ممارسات الاحتلال الصهيوني التي ترقى إلى جرائم الحرب، والجرائم ضد الإنسانية، وضرورة محاكمة هذا الكيان المحتل.
هذا الموقف السوري كلّ ما يحكمه هو الموقف الوطني الذي يؤمن بمركزية القضية الفلسطينية عربياً ودولياً، وأهمية التحرك لحشد الدعم الدولي للقضية الفلسطينية، وتعزيز التواصل على كل المستويات، وتوظيف كل الجهود الممكنة لفضح جرائم الاحتلال الإسرائيلي لمواجهة كل هذه التحديات.
منذ احتلال الكيان الإسرائيلي فلسطين، اختُبرت القيادة السورية بالحديد والنار، لكن بقيت أبواب سورية مفتوحة لكل فصائل المقاومة الفلسطينية رغم سنوات الحرب الإرهابية عليها، لأنه بالنسبة لسورية فإن الموقف من الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين هو أكثر ما يحدّد سياستها الخارجية، إذ إن كل شيء قابل للنقاش إلا خيانة الوطن والتعاون مع العدو الصهيوني، والتهاون في الخطاب ضد الاحتلال، وبث أي نوع من الدعاية المضادة لقضية تحرير فلسطين، أو التي تحابي الاحتلال وتتماهى مع مشاريعه، لأن كلفة الرضوخ والتنازل عن الحقوق الفلسطينية أعلى بكثير من كلفة المقاومة مهما كانت التضحيات، وعليه فإن موقف سورية القاضي بوضع كل إمكاناتها بتصرف الشعب الفلسطيني ودعمه في نضاله التحرري هو موقف مبدئي ولا تراجع عنه.
لذلك لا يعتقد أحد، رغم الحرب الإرهابية، أن سورية باتت أضعف من أن تقوم بدورها التاريخي في دعم المقاومة الفلسطينية والعربية، ولعل معركة “سيف القدس”، وما تكشّف عنها من معلومات، وما أرسته من معادلات جديدة في الصراع العسكري مع كيان الاحتلال، أثبتت أن دمشق لا تزال في قلب هذا الصراع، بل باتت أكثر إصراراً وعملاً على جبهاته المختلفة، خاصةً وأن هناك قناعة راسخة في دمشق بأن أحد أهم أهداف الحرب على سورية، كان إخراجها من معادلة الصراع مع العدو الإسرائيلي، وتحويلها إلى دولة ضعيفة تابعة ومطبّعة ومتماهية مع الاحتلال ومشاريعه على حساب آلام الشعب الفلسطيني، وقضيته الكبرى، وحقوقه المشروعة، لكن دمشق اليوم باتت أقرب إلى فلسطين من أي وقت مضى، وقد عادت لتكون شريان القلب الذي يضخ أسباب الحياة والاستمرارية في مشروع تحرير فلسطين.