اقتصادصحيفة البعث

وزير الصناعة يعوّل على وضع الصناعات الإبداعية في مسارها الصحيح.. والجهات المعنية على محك احتضانها  

دمشق – مادلين جليس

“حجراً في بئر مياه راكدة” هكذا وصفت إحدى المداخلات مؤتمر الصناعات الإبداعية الذي انطلق أمس الأربعاء في مكتبة الأسد الوطنية والذي أقامته وزارة الثقافة بالتعاون مع الهيئة العليا للبحث العلمي والجامعة الافتراضية السورية، وبرعاية رئيس مجلس الوزراء المهندس حسين عرنوس.

ولعل العنوان الكبير الذي انطوى عليه هذا المؤتمر ينبئ بتوجه حكومي نحو دعم الصناعات الإبداعية بمختلف أشكالها وأنواعها، بدءاً من التلفزيون والسينما ومروراً بالإعلام والثقافة وليس انتهاءً بالتحول الرقمي والبرمجيات وغيرها.

ترميم

تنطوي أهمية المؤتمر بحسب ما صرح وزير الصناعة زياد صباغ على إظهار الفكر الإبداعي والاعتماد عليه في ترميم ما دمره الإرهاب خلال سنوات الحرب، ورأى صباغ أن الصناعات الإبداعية تدخل في كل مناحي الحياة، وحتى الصناعات التي تعتمد على الآلات والتجهيزات تستفيد من الإبداع الذي يتميز به العامل الذي يطور ويحدث الآلة.

أما ما سيكون عليه الحال فيما بعد من حيث تخصيص جهة مسؤولة عن هذه الصناعات فأكد صباغ أن ذلك عمل تشاركي عابر للوزارات يرتبط بالعمل مع وزارة الثقافة والتعليم العالي والهيئة العليا للبحث العلمي، مشيراً أن هذا المؤتمر هو نقطة الانطلاق لوضع الصناعات الإبداعية في مسارها الصحيح والسليم.

جدوى اقتصادية

شارك الزميل زياد غصن في المؤتمر بمحاضرة اعتمد فيها على الأرقام الإحصائية لإظهار الجدوى الاقتصادية وأهمية الاستثمار في الصناعات الإبداعية، ورأى أن لهذه الصناعات جدوى اقتصادية ومجتمعية هائلة جداً، فجزء منها يتعلق بالتنمية المحلية وهو أخد الخيارات المهمة لسنوات ما بعد الحرب في سورية، وجزء آخر يتعلق بإعادة استقطاب المبدعين وتشجيع الإبداعات الشباب والكادر البشري في سورية لتقديم منتج والاستفادة من الأثر الاجتماعي والأثر الاقتصادي لها، وأيضاً جزء آخر يتعلق بإعادة تطوير جميع المهن الأخرى التي يشكل رأس المال الفكري عنصراً أساسياً ومهماً فيها.

الميزة الحقيقة الصناعات والمهن الإبداعية أنها لم تعد مرتبطة بأسواق محددة فجزء كبير منها ينتج إلى أسواق خارج سورية، وهي بحسب غصن الأكثر رواجاً في العالم وبالتالي منتجاتها مسوقة مسبقاً لكن تختلف فيها درجة الإبداع والإتقان، ومثالاً على ذلك أشار غصن إلى المهن الكثيرة والحرف المتميزة في الريف السوري، والتي تقوم مدونة وطن بالإضاءة على ما تشتمله على إبداعات وإنجازات، على مختلف الجغرافية السورية، وأكد على ضرورة تسليط الضوء على هذه المهن بغية دعمها بالسبل المناسبة التي تضمن استمراريتها وتطورها في آن معاً، وأن يكون هناك مؤسسات أهلية ومجتمعية تقدم الدعم لهم، إضافة إلى مؤسسات حكومية.

وأضاف: هنا يأتي دور الحاضنات التي من المفترض أن تكون في وزارة الصناعة والجمعية السورية للمعلوماتية وفي كل الوزارات ولاسيما تلك التي فيها حالة إبداعية وقد شهدنا عدة تجارب لذلك منها تجربة المركز السوري الأوروبي سابقاً وتجربة الجمعية المعلوماتية وفي وزارة التربية.

البحث العلمي.. إبداع

“البحث العلمي هو حالة إبداعية أيضاً” هكذا قال الدكتور مجد الجمالي رئيس الهيئة العليا للبحث العلمي عند سؤالنا عن علاقة الإبداع بالبحث العلمي، وأضاف الجمالي أن الهيئة لا تنشر أي مقال بحثي إذا لم يتوفر فيه الأصالة والإبداع والفكرة المبتكرة، فالإبداع برأيه يشمل العديد من المجالات كما يشملها أيضاً البحث العلمي الذي يدخل في كافة المجالات الصناعية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية أيضاً.

وأكد الجمالي أن الحالة لإبداعية تحتاج للكثير من التدريب والتأهيل بشكل أكاديمي واحترافي، ولابد أن يكون هناك احتضان لها يبدأ من الصف المدرسي ويستمر إلى الصف الجامعي، مشيراً إلى أن ذلك يحتاج إلى دعم في رأس المال وفي التسويق والترويج.

تفاعل مجتمعي تنموي

الأستاذ المساعد في كلية الاقتصاد بجامعة دمشق الدكتور أحمد صالح أكد أن الاقتصاد الإبداعي قائم بشكل رئيسي على الصناعات الإبداعية لكنه عملية تفاعل وتمازج مابين كل القوى والفاعلين الاقتصاديين في المجتمع بغية تحقيق جملة من الأهداف لتصاغ على شكل استراتيجية تنموية تتساوى بشكل كبير مع أهداف التنمية المستدامة التي طرحتها الأمم المتحدة والتي ترى أن الاقتصاد قادر على المساعدة في تحقيق هذه الأهداف.

وأشار صالح إلى أن دراسة الجدوى الاقتصادية للصناعات الإبداعية توضح مدى إمكانية تحقيق هذا المشروع أو غيره وكيفية الحصول على عوائد منه خلال تدفق زمني معين، لكن كل الصناعات الإبداعية برأيه تحتوي على قيم مضافة حقيقية ربما تكون غير مباشرة لكنها واضحة على صعيد تفعيل بقية القطاعات وإتاحة الفرص لجميع الصناعات الأخرى لتكون بقيمة متعاظمة أكثر ولتساهم بالتالي بالناتج المحلي الإجمالي.