هل تستطيع “بروكسل” التبرّؤ من فساد “الدوحة”
تقرير إخباري:
شكّلت فضيحة الفساد المالي في أروقة البرلمان الأوروبي التي يقف خلفها النظام القطري ضَربةً مزدوجةً، فهي من جهة كشفت زيف ادّعاءات المسؤولين الأوروبيين الذين ينظرون بفوقية وشوفينية إلى دول جنوب الكرة الأرضية ويقومون بتوزيع شهادات حسن السلوك على هذه الدول، كما أنهم يقدّمون أنفسهم على أنهم بوصلة للأخلاق في عالم “تسوده الاضطرابات” حسب زعمهم، ومن جهة أخرى قدّمت دليلاً جديداً على فساد النظام القطري وشرائه الذمم بالأموال والهدايا في سبيل الوصول إلى غاياته، وللمفارقة نجد أن النظام القطري الذي يقدّم الرّشى المالية للمسؤولين الأمريكيين والأوروبيين، يموّل في الوقت نفسه المجموعات الإرهابية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وآسيا الوسطى، وكل هذا يجري بمعرفة الإدارات الأمريكية ودول الغرب “المتحضّر”، مقابل الحماية التي تؤمّنها له القاعدة العسكرية الأمريكية.
وفي حيثيات قضية الفساد في بروكسل، كانت وزارة العدل البلجيكية أعلنت، أن تعاوناً استخباراتياً مع دول أخرى ساهم في كشف فضيحة الفساد المالي التي كانت بطلتها النائبة الأوروبية اليونانية إيفا كايلي نائبة رئيس البرلمان الأوروبي، وهو ما يوضح تورّط مسؤولين كبار في البرلمان بالقضية، ويشتبه ممثلو الادّعاء في بلجيكا أن كايلي وثلاثة آخرين تلقّوا رشاوى من النظام القطري في محاولة للتأثير في صنع القرار داخل الاتحاد الأوروبي.
وفي محاولة لامتصاص الغضب الشعبي في أوروبا، دعا البرلمان الأوروبي إلى منع وصول ممثلي مصالح النظام القطري إلى البرلمان بشكل مؤقت، وقرّر تعليق جميع الأعمال التشريعية المتّصلة بالدولة الخليجية.
من جانبها، تعهّدت رئيسة البرلمان الأوروبي، بـ”حزمة إصلاحات واسعة النطاق” لتنظيف الهيئة التشريعية للبرلمان.
وقالت روبرتا ميتسولا: إنّ الخطّة “ستشمل تعزيز أنظمة حماية المبلّغين عن المخالفات في البرلمان، وفرض حظر على جميع مجموعات الصداقة غير الرسمية ومراجعة مراقبة قواعد السلوك لدينا، بالإضافة إلى نظرة معمّقة في كيفية تفاعلنا”.
في المقابل، لا تعدّ هذه الفضيحة هي الأولى للنظام القطري الذي يقوم، وتحت عناوين دعم المجموعات المحلية غير الربحية والجامعات الغربية الكبرى، بدفع الرشاوى والأموال الطائلة لخدمة أجندته، وكان الفوز باستضافة كأس العالم لكرة القدم وما رافقه من الفضائح التي كشفتها الصحف الأجنبية ومجموعات حقوق الإنسان عن قضايا متعلقة بالفساد ودفع رشاوى بملايين الدولارات لمسؤولين في الاتحاد الدولي لكرة القدم في مقابل دعم الملف القطري ذروة ما وصل إليه فساد هذا النظام بشكل واضح، كما كانت ظروف العمل في الملاعب والمرافق السياحية والترفيهية التي كان يجهّزها النظام القطري لاستضافة كأس العالم، وموت آلاف العمال نتيجة تلك الظروف وشكاوى آلاف آخرين منهم من عدم حصولهم على حقوقهم من النظام القطري دليلاً آخر على استهتار هذا النظام بحقوق الإنسان.
في النهاية، لا يعدّ شراء الذمم ودفع الرشاوى بالأمر الجديد على حكام قطر، وهم مَن موّلوا الإرهابيين في أصقاع الأرض خدمة لأسيادهم الأمريكيين، ولم يخفِ قادة النظام القطري هذا الأمر بل اعترفوا به علناً، وكان تصريح رئيس وزراء النظام السابق حمد بن جبر بن جاسم آل ثاني الذي اعترف بدفع نظامه ملايين الدولارات للمجموعات الإرهابية لتدمير سورية شديد الوضوح على ذلك، ولكن المثير للسخرية هو تزامن “فضيحة بروكسل – قطر” مع احتفال أقامه نظام قطر بـ”اليوم الدولي لمُكافحة الفساد”.
إبراهيم ياسين مرهج