إضاءة على “تقرير واشنطن 2022” ضد الصين
ترجمة: عائدة أسعد
لم يعد يخفى على أحد أن الولايات المتحدة تحتلّ المرتبة الأولى في إثارة الحروب في العالم، ولم تخلُ من الحروب خلال ما يقرب من 250 عاماً من تأسيسها، إلا لمدة 16 عاماً، وقد آن الأوان لتعيد واشنطن حساباتها وتقوم ببعض البحث الجاد بدلاً من إلقاء التهمة على الآخرين.
بالطبع لن يحدث ذلك، وستواصل فعل ما تفعله دائماً لدعم وتبرير عدوانها وخلق تهديدات كما فعل البنتاغون في تقريره الأخير حول التطور العسكري للصين، ففي تعبير صريح عن سخطها، أطلقت وزارة الدفاع الصينية وابلاً من الانتقادات للتقرير ولغرضه، وانتقدته بسبب المغالطات والتشويهات الجسيمة لسياسة الدفاع الوطني الصينية وللإستراتيجية العسكرية.
إن الولايات المتحدة مثيرة للمشكلات، وهي ليست، كما تدعي، مساهماً في السلام والاستقرار، بل تعمل باستمرار على تأجيج الصراعات، وفي كل مكان، للحفاظ على هيمنتها العالمية، والسعي للحصول على المكاسب الإستراتيجية.
وفي نظرة خاطفة على التقرير، المعنون “تقرير 2022 عن التطورات العسكرية والأمنية التي تشمل جمهورية الصين الشعبية”، تكشف الولايات المتحدة عن نيّتها الخاطئة الواضحة لفرض تصور خاطئ على النمو العسكري والأمني المشروع والطبيعي في الصين، والأمر الأكثر إثارة للقلق هو أن التقرير يواصل الترويج لرواية واشنطن القائلة بأن الدول هي التي على خلاف معها!.
وربما ينبغي التوضيح أيضاً أن الولايات المتحدة هي التي تشكل التهديد النووي الحقيقي، ليس فقط لأنها تمتلك أكبر ترسانة نووية في العالم، بل لأنها تواصل تطوير ثالوثها النووي، وتسعى بقوة لنشر أسلحة نووية غير استراتيجية إلى الأمام، وهي مذنبة بالانتشار النووي من خلال الشراكة الأمنية الثلاثية لاتفاقية “أوكوس” التي شكلتها مع أستراليا والمملكة المتحدة.
كما أن الأمر الأكثر إثارة للقلق، والذي أبرزه أحدث تقرير لها عن الوضع النووي، وحديثها المتكرر عن المخاطر النووية، هو أنها تحاول باستمرار خفض عتبة استخدام الأسلحة النووية في العالم.
وربما يجدر أيضاً التأكيد على أن الصين تنتهج بحزم استراتيجية نووية للدفاع عن النفس، وتحافظ على قدراتها النووية عند الحدّ الأدنى المطلوب للأمن القومي، وتلتزم بسياسة عدم الاستخدام الأول وتطويرها العسكري، كما تم التأكيد عليه مراراً وتكراراً، يهدف إلى حماية سيادتها وأمنها ومصالحها التنموية.
إن التاريخ يُظهر أن الولايات المتحدة، منذ أن أصبحت القوة المهيمنة على العالم، كانت أكبر مسبّب للمشكلات ومدمر للسلام والاستقرار العالميين، ومن غير المرجح أن يتغيّر هذا في أي وقت قريب، ولعلّ تقرير البنتاغون يوضح مدى عمق عقلية الحرب الباردة في واشنطن.
من المأمول أن يكون التصعيد الأمريكي المستمر لتهديد الصين مجرد تشويه سمعة، بدلاً من تمهيد الطريق لصراع مماثل للصراع الذي دبرته في أوروبا، وهذه فكرة مخيفة حقاً بالنظر إلى مدى كارثتها على الجميع.