العنصرية على أساس اللون تسمّم المجتمع الأمريكي
تقرير إخباري:
لا يزال التمييز على أساس اللون يفرض واقعاً شاذاً في المجتمع الأمريكي الذي قام أصلاً على أساس قيام المهاجرين البيض بإبادة سكان البلاد الأصليين واستقدام أصحاب البشرة السمراء من القارة الإفريقية لاستخدامهم عبيداً لهم في مزارعهم وإقطاعاتهم.
ولا يزال ذوو البشرة السوداء في الولايات المتحدة الأميركية يعانون من التمييز العنصري، الذي امتدّ ليشمل الفوارق الصحية التي تحدّد على أساس لون البشرة والعرق، وبالتالي لا يثق هؤلاء بنظام الرعاية الصحية في البلاد وبالمهنيين الطبيين في آن معاً. ففي تشرين الأول أظهر استطلاع للرأي أن 70% من الأميركيين من ذوي البشرة السوداء يعتقدون أن الأشخاص الذين يسعون للحصول على الرعاية يُعاملون بشكلٍ غير عادل على أساس العرق.
وما زال التمييز مستمراً حتى الآن، وإن كان بأشكال مختلفة، وهو ما واجهه المرضى ذوو البشرة السوداء وعائلاتهم مراراً وتكراراً. ويؤدّي هذا الأمر إلى استمرار عدم الثقة في الرعاية الصحية الذي بدوره يديم الفوارق الصحية والمعاناة الأوسع، كما يعاني ذوو البشرة السوداء بمعدلات أعلى من عدم التأمين وإمكانية أقل للحصول على الرعاية، ومن غير المرجّح أن يكون لديهم رعاية أولية منتظمة، وعندما يكون لديهم طبيب رعاية أولية تقل احتمالية إحالتهم إلى اختصاصي.
كذلك أثبتت دراسة أن معظم الطلاب في كليات الطب يعتقدون أن ذوي البشرة السوداء أقلّ شعوراً بالألم من نظرائهم من أصحاب البشرة البيضاء، وبعض هؤلاء الأشخاص وصلوا إلى مراتب علمية عليا.
الدراسة بيّنت أن إحدى جامعات النخبة اعتقدت في الواقع أن الفرق الموجود في الألم يرجع إلى البشرة السميكة لدى من لون بشرتهم سوداء، وإحدى الدراسات أظهرت أن لدى أصحاب البشرة السوداء معدلاتٍ أعلى لوفيات الأمهات ثلاثة أضعاف ما لدى النساء البيض، ومعدلات أعلى للولادة المبكرة ومعدلات أعلى لوفيات الرضّع، كما لديهم معدلات عالية من التسمّم بالرصاص، ولديهم معدلات أعلى من الربو والسكري والسرطان المتقدّم وغالباً ما يتم اكتشافه متأخراً.
إن التمييز وانعدام الثقة وسوء المعاملة ليست فريدة من نوعها بالنسبة إلى الأميركيين ذوي البشرة السوداء، وإنما تطول اللاتينيين والأقليات الأخرى، فغالباً ما ينتظر الفقراء وقتاً أطول للحصول على رعاية أسوأ في المستشفيات والعيادات العامة التي تعاني من نقص التمويل ونقص الموظفين، فمعظم الاختلافات الصحية بين ذوي البشرة السوداء والبيضاء ليست وراثية، إذ إن العديد منها اجتماعي-اقتصادي أو نتيجة لعدم المساواة أو انعدام الثقة الذي قد يثني المريض من أصحاب البشرة السوداء عن طلب الرعاية في وقت مبكر.
هذا كلّه يُضاف إلى أن الأشخاص المنتمين إلى أقليات عرقية هم أكثر تعرّضاً للضغوط النفسية بسبب التمييز العنصري وحرمانهم من الكثير من الفرص، وهذا يؤثر في حالتهم الصحية نتيجة إفراز كميات كبيرة من الهرمونات المرتبطة بالضغوط النفسية، ما قد يؤدّي إلى تردّي الحالة الصحية وزيادة معدل الوفيات بين الأميركيين من أصول إفريقية من أصحاب الدخل المنخفض.
ولا شك أن الأطباء الذين ينتمون إلى أقليات عرقية ليسوا بمنأى عن هذه الآثار، إذ إن التمييز العنصري يلاحقهم أينما كانوا وعلى أيّ مرتبة علمية حصلوا، فالمجتمع الأمريكي مبنيّ أساساً على التمييز على أساس العرق واللون، وبالتالي فإن هذه الآفة تسمّم العلاقات الاجتماعية في المجتمع وتؤدّي إلى اتساع الهوّة بين الأمريكيين، وهذا من شأنه أن يزيد من الأمراض الاجتماعية التي بدورها ترفع معدّلات الجرائم العنصرية.
ميادة حسن