أبو حميد: أودّع شعباً بطلاً لألتحق بقافلة شهداء فلسطين
الأرض المحتلة – تقارير:
استُشهد اليوم الأسير الفلسطيني المصاب بالسرطان ناصر أبو حميد نتيجة سياسة الإهمال الطبي المتعمّد التي تمارسها سلطات الاحتلال الإسرائيلي بحق الأسرى.
وفي الوصية التي تناقلتها وسائل الإعلام بعد استشهاده، قال أبو حميد: “أنا ذاهب إلى نهاية الطريق مطمئناً وواثقاً بأنني أترك خلفي شعباً عظيماً لن ينسى قضيتي وقضية الأسرى، وفي نهاية الطريق أودّع شعباً بطلاً لألتحق بقافلة شهداء فلسطين، وجزءٌ كبيرٌ منهم هم رفاق دربي وأنا سعيد بلقائهم”.
وكان أبو حميد دَخل أمس في غيبوبة بمعتقل “الرملة” بعد تدهور شديد في صحّته، وانتشار كبير للخلايا السرطانية في أنحاء جسده وتلف رئتيه، ورغم مناشدة عائلته اللجنة الدولية للصليب الأحمر بالضغط على الاحتلال الإسرائيلي لنقله إلى أحد مشافي الضفة الغربية، استمرّ الاحتلال بتعنته ورفض كل المناشدات لنقله إلى المشفى والإفراج عنه.
وتحتجز سلطات الاحتلال جثمان الشهيد أبو حميد ولم تسلّمه بعدُ إلى عائلته، التي أوضحت في بيان لها، أنها تزفّ ابنها الغالي شهيداً بهاماتٍ مرفوعةٍ، مشيرةً إلى أن روح الشهيد اليوم حرة طليقة، لكن جسده بقي أسيراً لدى الاحتلال الغاشم والحداد سيظلّ مستمراً إلى أن يتحرّر جسد ابنهم ومعه سائر جثامين الشهداء المحتجزة لدى الاحتلال.
كذلك أعلنت عائلة أبو حميد اعتصاماً مفتوحاً عند مدخل مخيم الأمعري بالبيرة للمطالبة بتسليم جثمانه وسائر جثامين الشهداء المحتجزة لدى سلطات الاحتلال، حيث أكد ناجي أبو حميد شقيق الشهيد ناصر أنه “كما حاربنا في قضية ناصر سنواصل الوقوف إلى جانب جميع الأسرى داخل معتقلات الاحتلال ولاسترداد سائر جثامين الشهداء من براثن الإجرام والإرهاب الإسرائيلي”.
والأسير ناصر أبو حميد من مواليد عام 1972 من مخيم الأمعري في رام الله، وأحد رموز العمل الوطني الفلسطيني المقاوم للاحتلال، حيث اعتقلَ أكثر من مرة وهو طفل في الثالثة عشرة من عمره، وفي عام 1990 تعرّض لكمين من الاحتلال أصيب فيه إصابةً بالغةً، وفي شهر نيسان 2002 اعتقلته قوات الاحتلال في مخيم قلنديا بمدينة القدس المحتلة وبقي معتقلاً منذ ذلك الوقت حتى الآن.
وفي بيانٍ له حول استشهاد أبو حميد، قال نادي الأسير الفلسطيني: إن الاحتلال قتل أبو حميد 50 عاماً، في إطار مسار سياسة الاحتلال الطويلة بالقتل البطيء والمماطلة المتعمّدة في متابعة وضع أبو حميد الصحي، وتشخيصه المتأخر بالسرطان رغم الأعراض الخطيرة التي كانت ظاهرةً عليه، حين كان يقبع في معتقل “عسقلان”.
وأشار النادي، إلى أنه باستشهاد أبو حميد يرتفع عدد الشهداء الأسرى إلى 233 شهيداً منذ عام 1967، منهم 74 استُشهدوا نتيجةَ الإهمال الطبي المتعمّد.
من جانبها، نعت حركة فتح الفلسطينية الشهيد أبو حميد الذي التحق بالحركة منذ سنوات شبابه الأولى، وكان أحد أبرز قادتها الميدانيين في الانتفاضتين الأولى والثانية وداخل معتقلات الاحتلال، مؤكدةً أن الفلسطينيين سيواصلون النضال حتى استعادة جميع الحقوق الوطنية، وفي مقدّمتها إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس.
من جهته، نعى رئيس وزراء السلطة الفلسطينية محمد اشتيه الشهيد أبو حميد، وقال: “إن الأسير القائد ناصر أبو حميد استشهد نتيجة سياسة الإهمال الطبي المتعمّد التي تتبعها سلطات الاحتلال بحق الأسرى، ونعزي أنفسنا وشعبنا ووالدة ناصر الصابرة الثابتة وعائلتها، بفقدان مناضلٍ وابنٍ بارٍ بفلسطين ضحّى بحريته من أجل كرامة وحرية شعبه ووطنه”.
ودعا أشتيه، الصليب الأحمر والمؤسسات الدولية والحقوقية إلى الإسراع بالتدخل من أجل الإفراج عن الأسرى المرضى وكبار السن والأسيرات والأطفال من معتقلات الاحتلال.
بدوره، أكدّ وزير خارجية السلطة الفلسطينية رياض المالكي، أنّ الشهيد أبو حميد ليس فقط ضحيةً للاحتلال الإسرائيلي وظلمه واضطهاده، وإنما ضحية لسياسة الكيل بمكيالين وازدواجية المعايير الدولية.
وطالب، المجتمع الدولي والأمم المتحدة وهيئاتها المختصة، بممارسة ضغطٍ حقيقيٍ على سلطات الاحتلال للإفراج الفوري عن جثمان الشهيد، مؤكداً أن فلسطين ستواصل حراكها على جميع المستويات لحشد أوسع ضغط دولي لتأمين الإفراج عن الجثمان حتى يتسنى لأسرته مواراته الثرى بما يليق بتضحياته، كما ستواصل العمل على تحرير جثامين بقية الشهداء المحتجزة لدى الاحتلال.
ولفت المالكي، إلى أنه سيتم تسليم المحكمة الجنائية الدولية كل المعلومات عن استشهاد أبو حميد نتيجة جريمة الإهمال الطبي المتعمّد في معتقلات الاحتلال ورفض سلطاته جميع المطالبات والمناشدات الدولية التي دعت إلى الإفراج عنه، حتى يتسنى له الحصول على العلاجات اللازمة خارج المعتقل في إصرارٍ إسرائيليٍ واضحٍ على الاستمرار في ارتكاب الجريمة التي أدّت إلى استشهاده.
كذلك نعت حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين أبو حميد، وحمّلت “العدو المجرم المسؤولية الكاملة عن اغتياله وتداعيات هذه الجريمة البشعة في ظل تصاعد عدوانه وإرهابه بحق الأسرى”.
وأكّدت الحركة، أنّ “الشعب الذي يقدّم الشهداء والأسرى على مذبح الحرية، سوف يستمرّ على طريقه”.
وطالبت الحركة المؤسسات الحقوقية والإنسانية بالوقوف إلى جانب الأسرى، وتحمّل مسؤولياتهم الأخلاقية تجاه هذه الجريمة، والعمل الجاد والحقيقي على لجم عدوان مصلحة السجون، وحماية الأسرى والأسيرات من القتل المتعمّد.
وفي السياق ذاته، أصيب عشرات الفلسطينيين خلال وقفات ومظاهرات عمت سائر مدن الضفة الغربية وقطاع غزة المحاصر اليوم تنديداً باستشهاد أبو حميد.
وذكرت وكالة وفا، أن قوات الاحتلال اعتدت على المتظاهرين في منطقة باب الزاوية وسط الخليل، وفي مخيم العروب شمالها، وبالقرب من المنطقة الجنوبية، وفي منطقة عصيدة ببلدة بيت أمر وجنوب مدينة قلقيلية، وأطلقوا صوبهم الرصاص وقنابل الغاز السام، ما أدى إلى إصابة العشرات بالقدم وبحالات اختناق.
وحمل المشاركون في المظاهرات التي جابت الشوارع الرئيسية في مدن الضفة ودعت إليها القوى الوطنية الفلسطينية العلم الفلسطيني وصور الشهداء والأسرى ولافتات تندد بجرائم الاحتلال ومجازره وبسياسة القتل البطيء ضد الأسرى، مطالبين بضرورة تدخل المجتمع الدولي لوقف معاناتهم والإفراج عنهم، وفي مقدمتهم المرضى والنساء والأطفال.
ميدانياً، أصيب عددٌ من الطلبة الفلسطينيين اليوم نتيجة اعتداء قوات الاحتلال الإسرائيلي عليهم في بلدة تقوع جنوب مدينة بيت لحم بالضفة الغربية.
وذكرت وسائل إعلام فلسطينية، أن قوات الاحتلال اقتحمت منطقة المدارس في البلدة، وأطلقت قنابل الصوت والغاز السام باتجاه الطلبة أثناء مغادرتهم، ما أدّى إلى إصابة عدد منهم بالاختناق، كما قامت بإغلاق المدخلين الغربي والشمالي للبلدة.
وفي سياق متصل، أطلقت قوات الاحتلال المتمركزة على أحد حواجزها في شارع الشهداء بمدينة الخليل الرصاص وقنابل الغاز السام باتجاه الفلسطينيين، ما أدّى إلى إصابة عددٍ منهم بحالات اختناق.
كذلك اقتحمت منطقة وادي معالي في بيت لحم وعدة أحياءٍ في مدينة جنين وبلدة قباطية في جنوبها الغربي، واعتقلت عشرة فلسطينيين.