السفير صباغ: حل الأزمة الإنسانية في سورية يتطلب تحرك مجلس الأمن لمكافحة الإرهاب ورفع الإجراءات القسرية
أكد مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة السفير بسام صباغ أن حل الأزمة الإنسانية في سورية يتطلب تحرك مجلس الأمن لمكافحة الإرهاب، ولوقف الانتهاكات المتكررة لسيادة سورية ومطالبته بالرفع الفوري وغير المشروط للإجراءات القسرية غير الشرعية المفروضة على شعبها، وحثه الدول على زيادة مشاريع التعافي المبكر وضرورة التخلي عن صمته حيال تسييس ملف المساعدات الإنسانية وعودة اللاجئين والنهب الممنهج لقوات الاحتلال الأمريكي وممارسات النظام التركي غير المسؤولة.
وقال صباغ في بيان اليوم خلال جلسة لمجلس الأمن حول الشأن السياسي والإنساني في سورية: إن هذه الجلسة تعقد في ظل استمرار التحديات التي تواجهها سورية منذ سنوات وفي مقدمتها خطر الإرهاب والوجود العسكري الأمريكي والتركي غير الشرعي على أجزاء من الأراضي السورية، وتصاعد الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على المرافق الحيوية السورية وتفاقم الأزمة الإنسانية جراء عدم تنفيذ متطلبات خطة الاستجابة الإنسانية والتداعيات السلبية للإجراءات القسرية الأحادية غير الشرعية والتي ليست سوى أداة عقاب جماعي، مشيراً إلى أن اضطلاع مجلس الأمن بالولاية المنوطة به تجاه سورية لا يمثل مسؤولية قانونية فحسب بل ضرورة أخلاقية وإنسانية، الأمر الذي يتطلب قيام المجلس بإدانة جميع هذه الانتهاكات لسيادة سورية والمطالبة بإنهائها فوراً ودون أي شروط.
وأوضح صباغ أنه من خلال الجهود الكبيرة التي بذلتها سورية في مكافحة الإرهاب تم تحرير مساحات واسعة من الأراضي من سيطرة المجموعات الإرهابية وإعادتها إلى كنف الدولة، كما قامت بموازاة ذلك باتباع مسار التسويات المحلية والمصالحات الوطنية كطريق لإعادة الأوضاع إلى طبيعتها إلى جانب إصدار العديد من مراسيم العفو، حيث ساهمت كل تلك الإجراءات بعودة الكثير من السوريين إلى بيوتهم وحياتهم الطبيعية وعززت الوحدة الوطنية وحققت الاستقرار على نحو مستدام.
ولفت صباغ إلى أن سورية تعاملت بإيجابية مع الجهود والمبادرات الصادقة التي قدمت في إطار المسار السياسي حيث دعمت الاجتماعات التي تعقد بصيغة أستانا وأكدت متابعتها لعمل لجنة مناقشة الدستور التي تم الاتفاق عليها في مؤتمر الحوار الوطني السوري السوري في سوتشي عام 2018 وحافظت على التواصل مع المبعوث الخاص للأمين العام إلى سورية الذي زار دمشق خلال هذا الشهر والتقى وزير الخارجية والمغتربين الذي أكد له ضرورة أن يقرر السوريون وحدهم مصيرهم ومستقبل بلادهم دون أي تدخل خارجي إلى جانب ضرورة وقف انتهاك سيادة سورية والرفع الفوري للإجراءات القسرية الأحادية غير الشرعية وغير الإنسانية.
وأشار مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة إلى أنه منذ اعتماد مجلس الأمن القرار 2642 في تموز الماضي عقدت ثلاث جلسات للحوار التفاعلي غير الرسمي الذي نص عليه القرار وكان من المفترض أن يشكل هذا الحوار منصة لتقييم ومتابعة تنفيذ مندرجاته، مبيناً أن بعثة سورية عرضت خلال تلك الجلسات على نحو مفصل أوجه القصور في تنفيذ القرار وعدم ارتقاء إرادة بعض أعضاء المجلس إلى مرحلة تنفيذ مندرجاته الهادفة إلى التخفيف من المعاناة الإنسانية للشعب السوري وسبل تجاوزها.
ولفت صباغ إلى أن “آلية إيصال المساعدات عبر الحدود” كانت إجراء مؤقتاً فرضته ظروف استثنائية لم تعد قائمة وأن الإصرار على استمرار تلك الآلية التي تحيط بها الكثير من العيوب والمخالفات يعكس انتقائية فاضحة وتمييزاً واضحاً بين السوريين الذين يستحقون الحصول على المساعدات الإنسانية، مؤكداً أن السعي المحموم للولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي لتمديد هذه الآلية من خلال ادعائهم الحرص الإنساني على الشعب السوري يتناقض مع حصارهم غير الأخلاقي وغير الإنساني غير المسبوق الذي يفرضونه عليه.
وبين صباغ أن هناك إصراراً من قبل البعض على عدم السماح بالتقدم في عمل آلية إيصال المساعدات من الداخل في مؤشر واضح على سعي هؤلاء لإثبات أن هذه الآلية غير قادرة على أن تحل محل “آلية إدخال المساعدات عبر الحدود” وذلك على الرغم من اتساقها التام مع مبادئ العمل الإنساني واحترامها لسيادة سورية.
وأوضح صباغ أن التمويل المنخفض لخطة الاستجابة الإنسانية لسورية جراء عدم تنفيذ بعض الدول الغربية للالتزامات التي قطعتها يحد من فعالية جهود تحسين الأوضاع الإنسانية والمعيشية ويعيق تنفيذ مشاريع التعافي المبكر الأمر الذي يخلف آثاراً كارثية على الحياة اليومية للسوريين ويحول دون حصولهم على الخدمات الأساسية.
وأشار مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة إلى أن هناك تجاهلاً غير مقبول لتأثير استمرار نهب قوات الاحتلال الأمريكي والميليشيا المرتبطة بها للثروات الوطنية للشعب السوري كالنفط والقمح ما تسبب في حرمان السوريين من مواردهم وتفاقم معاناتهم الإنسانية على نحو غير مسبوق، مبيناً أن آخر الإحصاءات أشارت إلى أن إجمالي قيمة الخسائر المباشرة وغير المباشرة التي تسببوا بها وقوات ما يسمى “التحالف الدولي” نتيجة سطوهم على قطاع النفط في سورية تجاوز الـ 100 مليار دولار.
واستغرب صباغ الإصرار المتعمد من قبل البعض بما في ذلك في مجلس الأمن لإخفاء الآثار السلبية للإجراءات القسرية الانفرادية غير الشرعية التي تفرضها الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي على الشعب السوري، مشدداً على أن أي ادعاءات عن عدم استهدافها لجميع جوانب معيشة السوريين أمر يدحضه واقع حال معاناة السوريين، وأن أي تبريرات عن استثناءات لأغراض إنسانية لا وجود لها هي مجرد كذب مفضوح.
ولفت صباغ إلى أن مواصلة النظام التركي وأدواته من التنظيمات الإرهابية قطع المياه عن السوريين واستخدامه لها كسلاح حرب ضد المدنيين يستحق الإدانة والشجب باعتبار أن حرمان المواطنين من المياه جريمة حرب وفق القانون الدولي الإنساني إذ إنه يؤثر بشكل خانق على حياة أكثر من مليون مواطن في محافظة الحسكة وما حولها وعلى قدرتهم على الوصول إلى المياه النظيفة ما يفاقم من تفشي الأمراض بما فيها الكوليرا وعلى الوصول إلى مياه الري الأمر الذي يخلق أزمة أمن غذائي للسوريين.
وأوضح صباغ أنه في الوقت الذي تواصل فيه سورية تقديم التسهيلات لعمل الأمم المتحدة والمنظمات الدولية بما يضمن تلبية احتياجات السوريين ويحقق دعم صمودهم فإنها تؤكد على أن حل الأزمة الإنسانية لن يكون ممكناً إذا ما استمر صمت مجلس الأمن والأمانة العامة حيال تسييس ملف المساعدات الإنسانية وعودة اللاجئين والابتزاز الذي يمارسه بعض المانحين والنهب الممنهج لقوات الاحتلال الأمريكي وممارسات النظام التركي غير المسؤولة والتغاضي عن التأثيرات السلبية للإجراءات القسرية غير الأخلاقية وغير الإنسانية.
وشدد صباغ على أن حل الأزمة الإنسانية في سورية ممكن فقط حين يتحرك مجلس الأمن فوراً لمكافحة الإرهاب ولوقف الانتهاكات المتكررة لسيادة سورية ويطالب بالرفع الفوري وغير المشروط للإجراءات القسرية ويدعو المانحين إلى تنفيذ التزاماتهم التي قطعوها حيال خطة الاستجابة الإنسانية ويحث على زيادة مشاريع التعافي المبكر والتوسع فيها كماً ونوعاً ويضمن توزيع المساعدات الإنسانية الإغاثية بشكل عادل ودون تمييز ويعالج خطر الألغام والذخائر غير المنفجرة والعبوات الناسفة التي تشكل تهديداً حقيقياً لحياة السوريين.