تشكيليون هواة في معرض جماعي.. خامات واعدة
آصف إبراهيم
يشكّل المعرض التشكيلي للشباب الهواة الذي يقيمه اتحاد الفنانين التشكيليين بحمص بشكل دوري في صالته “صبحي شعيب” وسط المدينة، فرصة مهمّة تتيح لهؤلاء الشباب المبدعين إخراج ملكاتهم الفنية إلى الجمهور، الفرصة التي تكسبهم ثقة وذخيرة معرفية يحصلون عليها من خلال الاطلاع على التقنيات والتجارب المختلفة والاستفادة من التعليقات والآراء والانطباعات التي يتلقفها كلّ مشارك أثناء تفاعله البنّاء مع الجمهور الذواق للجمال والفكر الخلاق.
ويزيح هذا المعرض، الذي افتتح أول أمس الاثنين وجمع نحو ثلاثين شاباً هاوياً من أكثر المعارض نضجاً ومحاكاة للتجارب الاحترافية، الستارة عن تجارب مبدعة تتعامل مع اللوحة من جوانب جمالية وفكرية درامية غير حيادية، ويبدو ذلك جلياً في طبيعة الموضوعات والتقنيات المكونة للوحات المشاركة والتي تزيد عن خمسين لوحة بتقنيات ومقاسات مختلفة يتسم بعضها بالعمق الدلالي والتعييري الذي نستطيع من خلاله استنباط قراءات لمقولات وأفكار تحملها اللوحة بتشكيلها الدرامي المعبّر عن حالات إنسانية اجتماعية مألوفة تمكن بعض الهواة من تجسيدها باحترافية تنمّ عن تجربة فنية واعدة تنتظر فرصتها لاقتحام المشهد التشكيلي بقوة. ويمكن أن نلحظ من هذه التجارب، على سبيل الاستشهاد، لوحتين للشابة إنصاف سلامة التي تميّزت بالاهتمام بالتفاصيل الدقيقة والتقاطيع الجسدية التي تحيلنا إلى عراك الإنسان مع الطبيعة والزمن، وتجلي ذلك من خلال الملامح التي اشتغلت عليها سلامة باحتراف لافت، وهذا التميز لا ينفي التفاوت الواضح في سوية إمكانيات المشاركين وقدرتهم على توظيف الأدوات الفنية بشكل احترافي عميق، فهناك لوحات لا تتعدى كونها تمريراً بسيطاً ومتواضعاً للتشكيل اللوني داخل إطار الورق أو القماش، ولاسيما في لوحات الطبيعة الصامتة التي لم تظهر البراعة والعمق المطلوبين في توزيع الكتل وتناغمها مع الظل والنور، وكذلك في لوحات البورتريهات التسجيلية لشخصيات مشهورة أو لشخصيات ذات صلة بالهاوي الذي نقل جانباً من التقاطيع الباردة بحيادية لا تكلف فيها.
مع هذا يبقى معرض الهواة الجماعي مبادرة خلاقة دأب اتحاد الفنانين في حمص على تنظيمها بشكل دائم لرفد المشهد التشكيلي في حمص بدماء جديد تحمل حماسة الشباب وتحرك مياه التشكيل الراكدة.