واشنطن تنافس صورتها المتهاوية
تقرير إخباري:
لقد بلغت المساعدات المعلنة من واشنطن إلى أوكرانيا 18 مليار دولار، في حين ذكرت وسائل إعلامية أمريكية أن حجم المساعدات غير المعلن عنه يصل إلى 110 ملايين دولار يومياً، أو ما يبلغ مجموعه نحو 40 – 50 مليار دولار خلال هذا العام، في وقتٍ تستنزف فيه أمريكا اقتصادها على حساب مواصلة هذا الدعم، حيث وصل التضخم الأمريكي إلى 7.1%، وتجاوز الدين العام 31 تريليون دولار، وهذا سبّب سخطاً من الجمهوريين الذي سيوقعون قانوناً للحدّ من هذا الدعم الجنوني الذي يهدّد بانهيار الاقتصاد الأمريكي، في حين يواصل الرئيس الأمريكي جو بايدن سياسته الخارجية التي تغوص في مستنقعات البعد عن الصواب مع فجر كل يوم، رافعاً ميزانيته الدفاعية إلى أكثر من 1.5 تريليون دولار، وهذا يستتبع وفقاً لمحللين وخبراء أنه مصممٌ على غمس إدارته في صراعات متعدّدة كتايوان، ومحاولة تأجيج نزاع آخر بين الهند والصين، وإرضاء حكومة بنيامين نتنياهو المتطرّفة في الكيان الإسرائيلي التي تخطط لتوجيه ضرباتٍ لإيران.
وفيما يتعلّق بتطورات المشهد الأكثر تورّطاً للإدارة الأمريكية شهدنا زيارة رئيس النظام الأوكراني فلاديمير زيلنسكي إلى واشنطن ولقائه بايدن الذي وعده بالحصول على منظومات بطاريات صواريخ “باتريوت” مع تأمين التدريب على استخدامها للقوات الأوكرانية.
على المقلب الروسي، شهدنا تعهّدات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماعه مع جيشه بتقديم كل الإمكانيات لمواصلة ضرب منظومة القيادة والسيطرة لنظام كييف، للدفاع عن جميع أراضي روسيا الاتحادية بما فيها التي تمّت استعادتها من أوكرانيا مؤخراً، وهذا يشي برسالةٍ موجّهة لبايدن تحديداً تؤكّد استعداد روسيا لإحباط كل محاولات الغرب العبث بالأمن القومي الداخلي الروسي، وبأنّ جميع محاولات الإدارة الأمريكية لدعم زيلنسكي لن تكون منقذاً له أو عاملاً مرجّحاً قد يساهم في انتصاره، وبأنّ روسيا ستبقى ثابتة وماضية في عمليتها الخاصة وصولاً إلى التفاوض مع كييف وفق الشروط الروسية العادلة، كما أن تعهّد بوتين بالدعم المالي غير المحدود لقوات بلاده يحمل في طياته رسالةً مفادها أنه مهما اشتدّ الحصار الاقتصادي، وكثُرت حزم العقوبات الغربية وطال أمد الحرب، فإن بلاده ستصمد ومردّ ذلك قوة وتنوّع الاقتصاد الروسي الغني بالثروات الطبيعية والقطاعات الصناعية والتكنولوجية، وخير دليلٍ على ذلك تزايد قوة الروبل مقابل بقية سلة العملات وفي مقدّمتها اليورو والدولار، إضافةً إلى نفاد مخزونات أوروبا من الأسلحة، فضلاً عن تأكيد الرئيس الروسي على مسألة الثالوث النووي، ووفقاً لخبراء هي رسالة تقرأ مستقبل الحرب والصراع، على اعتبار أن روسيا لا تُحارب أوكرانيا وحدها بل أكثر من 50 دولة غربية، ووجب التذكير منها بأنّ الأوراق الحاسمة لم تستعملها بعد، وتتابع خطواتها قدماً وآخرها بدء المناورات البحرية العسكرية المشتركة مع الصين، إضافةً إلى تنفيذ مناورات عسكرية مع بيلاروسيا، وعملها على إنشاء تشكيلات دفاعية صلبة شمال غربي البلاد، وتعزيز منظمتها مع بيلاروسيا وكازاخستان وقيرغيزستان لمواجهة أي محاولة حرب مباشرة من “الناتو”.
بدورها واشنطن اتهمت خطاب الرئيس بوتين الأخير بأنه لا يحمل في طياته حلاً لإنهاء الحرب الأوكرانية، على الرغم من أنها تواصل إغداق صرف المساعدات العسكرية والمالية لنظام زيلنسكي لإطالة أمد الصراع ووأد التفاوض، متذرعةً بأنها ترسل أسلحة دفاعية فقط ولا يمكنها الوصول إلى الأراضي الروسية، ومتناسية في الوقت ذاته صواريخ الهيمارس التي ترسلها إلى قوات كييف والتي تطول البنى التحتية والمدنيين في دونيتسك ولوغانسك والقرم، كما أن هذه الصواريخ مداها 300 كم ومن الممكن أن تصل إلى العمق الروسي بسهولة.
وخلاصة القول أنّ الإدارة الأمريكية ترتكب منذ 30 عاماً المزيد من السياسات الخارجية والحروب الفاشلة وبشكل يزيد عما قبل، وذلك سببه أنها تنافس صورتها السابقة التي بدأت تترنّح، وأصبح أكثر من نصف دول وشعوب العالم يجمع نفسه ضدّها في أحلاف وكيانات تهدف إلى إيجاد عالم سيلغي قريباً كل تلك السياسات الرعناء.
بشار محي الدين المحمد