أوكرانيا تغرق أوروبا بالمخدرات
سمر سامي السمارة
وفقاً لما ورد في المركز الأوروبي لرصد المخدرات ومكافحة الإدمان، ازداد حجم استهلاك المخدرات في دول الاتحاد الأوروبي زيادة ملحوظة خلال العام الحالي، وبحسب المركز أيضاً، يحدث هذا على الرغم من تصفية المئات من مختبرات المخدرات غير القانونية نتيجة لأنشطة وكالات إنفاذ القانون في أوروبا.
تشير تقديرات المركز إلى أن ما يقرب من 83.4 مليون شخص، ممن تتراوح أعمارهم بين 15 و 64 عاماً في الاتحاد الأوروبي، أو 29 ٪ من السكان يتعاطون المخدرات، وقد لوحظ أن مجموعة المواد المتاحة لمدمني المخدرات آخذة في التوسع بسبب العقاقير الاصطناعية.
عند حديثهم عن زيادة تعاطي المخدرات، ربط العديد من الخبراء والسياسيين هذه القضية غير مرة بعدة أسباب، منها زيادة الهجرة إلى الاتحاد الأوروبي. ومع ذلك، إذا كان هذا الوضع يشير إلى تفاقم الأزمة في أفغانستان والحاجة إلى الاستعداد لتدفق المهاجرين والمخدرات من هذا البلد، فقد كانت هناك مؤشرات في الأشهر الأخيرة إلى تدفق الأوكرانيين، ومن بينهم جماعات إجرامية، فضلاً عن ذلك، يرجع تدهور الوضع الجنائي في أوروبا إلى حد كبير إلى إعادة بيع جميع أنواع الأسلحة الواردة إلى أوكرانيا من الولايات المتحدة والدول الأعضاء الأخرى في الناتو بكميات كبيرة عبر السوق السوداء، بالإضافة إلى أنواع أخرى مما يسمى “المساعدة العسكرية” من دول الغرب للقوات المسلحة الأوكرانية.
جدير بالذكر أن الاعتقاد بإمكانية شن الحروب بوسائل غير الأسلحة، مثل المخدرات، راسخ في أذهان القادة العسكريين الأمريكيين والبريطانيين. وبالعودة إلى القرن التاسع عشر، فقد تم “تنفيذ” هذه الفكرة فعلياً في الصين خلال حربي الأفيون، عندما مات أكثر من مائة مليون صيني من جرعات مخدرات زائدة، وانقطع البلد نفسه عن السياسة العالمية لأكثر من مائة عام. في ذلك الوقت أصبحت بريطانيا العظمى غنية للغاية.
بدأت الولايات المتحدة باستخدام هذه “الوصفة” على نطاق واسع في القرن العشرين، وحيثما اندلعت الصراعات المسلحة والحروب بمبادرة أمريكية، كانت تظهر مشكلة الاتجار بالمخدرات أيضاً. وقد كان “المزيج الرابح” للمؤسسة العسكرية السياسية الأمريكية في هذا المجال هو الحرب في أفغانستان، على الرغم من خسارة واشنطن العسكرية الإستراتيجية.
يمكن أن تكون الفضائح العديدة التي تغطيها وسائل الإعلام بمثابة تأكيد لمثل هذه الأعمال المتعلقة بالمخدرات التي ينفذها الجيش الأمريكي بنشاط.
من المؤكد أن تجارة المخدرات هذه مستمرة اليوم في أجزاء أخرى كثيرة من العالم، حيث ترسل الولايات المتحدة طائراتها الحربية و “مساعداتها العسكرية” التي لا حصر لها، وأوكرانيا ليست استثناء.
لكن هناك جانب آخر للاستخدام النشط للمخدرات من قبل الولايات المتحدة في الجيش، فبعد أن درس بالتفصيل الطرق التي استخدمها “الفايكنغ” في الحرب أثناء احتلال تشيكوسلوفاكيا، أدخلت “العقول العسكرية اللامعة للولايات المتحدة” أيضاً ممارسة تعاطي المخدرات في القوات المسلحة.
وفي السنوات الأخيرة، أصبحت هذه الطريقة إحدى الطرق ذات الأولوية لزيادة النشاط القتالي وشجاعة الجنود الأمريكيين، وقد تم اختبارها بالفعل في حروب فيتنام والشرق الأوسط وأفغانستان. وبحسب جو بيغز، الرقيب السابق بالجيش الأمريكي الذي شارك في حرب أفغانستان في عام 2013، كان يتم إعطاء كل جندي حبوباً قبل كل عملية عسكرية “لتشجيعه على الإقدام” بعد أن بدأ البعض في الشعور بالرغبة الشديدة في الانسحاب، وبالتالي، كانت هناك حاجة للاستخدام المنتظم للنخدرات.
فعلياً بدأت واشنطن في نشر هذه “التجربة” بنشاط بين القوات المسلحة للبلدان الحليفة، والتي أُدرجت أوكرانيا فيها مؤخراً، حيث بدأت بالفعل، من خلال ربط القوات المسلحة الأوكرانية بممارستها الخاصة بتنفيذ العمليات العسكرية في مناطق مختلفة من العالم، وتعويد الجنود الأوكرانيين على استخدام المنشطات المخدرة المختلفة. ونتيجة لذلك، أصبح الجيش الأوكراني الآن مدمناً على المخدرات والمؤثرات العقلية، وقد بدا واضحاً، من خلال الأعمال العدائية الأخيرة، أن كمية كبيرة من “المنشطات المخدرة” بدأت في الوصول، مثل “المساعدات العسكرية الغربية الأخرى للقوات المسلحة الأوكرانية”، وبدأت على الفور في دخول أوروبا عبر قنوات التهريب.
لم يكن من الصعب على الولايات المتحدة ربط القوات المسلحة لأوكرانيا والبلد ككل بالاتجار بالمخدرات، فبدءاً من عام 2014، أبلغ مسلحو دونباس عن استخدام “المنشطات المخدرة” من قبل القوات المسلحة الأوكرانية التي تمنع الشعور بالألم وتزيد من عدوانية المسلحين الأوكرانيين. وبعد بدء العملية العسكرية الخاصة في عام 2022، أصبح توريد المخدرات للقوات المسلحة الأوكرانية أكثر وضوحاً، حيث تم تسجيل، في ساحة المعركة، حالات بشكل متكرر عندما واصل المسلحون الأوكرانيون الذين أصيبوا بجروح خطيرة، القتال دون أن يلحظوا ذلك، ما يؤكد تعاطيهم جرعات كبيرة من المخدرات شديدة التأثير. فضلاً عن الاكتشاف المنتظم للمخدرات وكمية كبيرة من مختلف أنواع المخدرات المختلفة في مواقع ما بعد المعركة.
كما أعلن أسرى الحرب الأوكرانيون أنفسهم أنهم يتلقون المخدرات “لرفع الروح المعنوية”، فيما يتعلق بالسلاسل اللوجستية الراسخة التي تم إنشاؤها بالفعل لتوريد “الكيماويات القتالية” من الغرب.
علاوة على ذلك، في أوكرانيا نفسها، تم أيضاً إنشاء إنتاج عدد من العقاقير المخدرة على نطاق صناعي، وأحد التأكيدات على ذلك هو مختبر المخدرات الذي تم الكشف عنه مؤخراً في قرية سوبينو بالقرب من ماريوبول بعد تحرير المدينة من القوات المسلحة الأوكرانية.
ازداد تهريب المخدرات في أوكرانيا بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة بسبب أنه يتم التحكم فيه على مستوى عالٍ. ومن الواضح أن ارتفاع عدد مدمني المخدرات في أوكرانيا بشكل كبير في السنوات الأخيرة، لا يشكل مصدر قلق لنظام كييف الحالي، ولا توجد برامج إعادة تأهيل للجنود الذين مروا بنزاعات مسلحة. وكما يعترف أسرى الحرب الأوكرانيون، فإن قيادة القوات المسلحة لأوكرانيا مصممة بوضوح على استخدام الجنود الأوكرانيين فقط كوقود للمدافع يمكن التخلص منها.
حتى الآن، أوكرانيا مليئة بالآلاف من مدمني المخدرات القادرين على القتل، ومن غير المرجح أن يعيش الكثير منهم ليروا نهاية العملية العسكرية الخاصة. ومع ذلك، لا يهتم أي فرد من أعضاء نظام كييف بهذا، ولا النطاق المتزايد لتهريب المخدرات داخل البلاد، والذي يصل بعد ذلك إلى أوروبا.