حلفاء على مذبح الأجندة الأمريكية
عائدة أسعد
في تعليقه على الأزمة الأوكرانية في مؤتمر صحفي مؤخراً، قال المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك: “إن المنظمة العالمية تود أن ترى السلام في أوكرانيا وليس نشر أسلحة جديدة في المنطقة”. ولكن مع ذلك، تُظهر التطورات الأخيرة أن الولايات المتحدة عازمة على تأجيج نيران الصراع، ولن تتوقف عن تزويد أوكرانيا بالأسلحة في أي وقت قريب.
كشف المفاوضون في الكونغرس الأمريكي عن مشروع قانون تمويل حكومي بقيمة 1.7 تريليون دولار يتضمن 44.9 مليار دولار كمساعدات طارئة لأوكرانيا وحلفاء الولايات المتحدة في الناتو.
وتجدر الإشارة أيضاً إلى أنه منذ اندلاع الأزمة الأوكرانية في 24 شباط الماضي، خصصت الولايات المتحدة بالفعل أكثر من 21.8 مليار دولار كمساعدة أمنية لأوكرانيا، وذهب الكثير منها إلى شركات تصنيع الأسلحة الأمريكية.
ومع استمرار الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في حث واشنطن والعواصم الغربية الأخرى على تزويد بلاده بمجموعة واسعة من أنظمة الأسلحة وغيرها من أشكال الدعم العسكري، يبدو أن الولايات المتحدة سعيدة للغاية بإلزامها بذلك.
في الأسبوع الماضي، أكد مسؤولون أمريكيون أن البنتاغون أعد خططاً لنقل بطاريات صواريخ باتريوت إلى أوكرانيا إذا وافق عليها الرئيس الأمريكي جو بايدن، كما أن عمالقة الدفاع الأمريكيين والمتعاقدين الدفاعيين مثل “لوكهيد مارتن، ورايثيون” ليسوا فقط من يحققون أرباحاً ضخمة فالشركات الأمريكية العاملة في قطاع الطاقة، والتي تتلاعب بالأسعار في الدول الأوروبية في وقت الحاجة ، تجني الأموال أيضاً.
لقد أصبح بعض السياسيين في أوروبا، مع عدم ظهور أي علامة على تراجع الأعمال العدائية، يدركون بالفعل حقيقة أن حليفهم عبر الأطلسي يسعى إلى إطالة أمد الصراع لجر روسيا وإضعاف أوروبا وتقوية اعتماد أوروبا على الولايات المتحدة.
وفي الوقت نفسه، يثير قانون خفض التضخم الأمريكي استياءً متزايداً ومعارضة من الاتحاد الأوروبي، لأن خطة الولايات المتحدة لضخ مليارات الدولارات في الصناعات الصديقة للبيئة ستؤدي إلى استنزاف صناعة الكتلة، حيث سيتم جذب العديد من الشركات الأوروبية.
إن الولايات المتحدة، بينما تنشر تفكيرها الصفري، تضغط على حلفائها الأوروبيين لزيادة ضوابط التصدير ضد الصين، وتجرهم إلى مواجهة شرسة معها، وذلك على الرغم من أن واشنطن تعرف بوضوح الثمن المؤلم الذي سيتعين على أوروبا دفعه.
حقيقة الأمر هي أن الولايات المتحدة تستغل الأزمة الأوكرانية لتعزيز مصالحها الخاصة، وهي بفعلها ذلك لا تتورع عن التضحية بمصالح حلفائها على مذبح تلك الأجندة.
يجب على الدول الأوروبية أن تثني نفسها عن أي فكرة عن وجود صداقة عبر المحيط الأطلسي، فهي في نظر واشنطن مجرد بيادق لاستخدامها، وقد حان الوقت لأن يكون مصير القارة بأيديها.