شجرة الشهداء.. ميلاد وشهباء
غالية خوجة
النور الذي سطع من مغارة المهد على العالم وشعّ بالمحبة سيظل يسطع على العالم، ويكتمل مع النور الذي أشرق من مكة إلى بلاد الشام، لتضاء المحبة بقلوب غنية بالصبر والنصر رغم الحرب والحصار وتفقير الشعب غير الفقير لأنه غني بهذا النور الذي مصدره سماؤنا وأرضنا، وكلما تمسّكنا بقيم النور ظل الكون منشداً: “المجد لله في الأعالي، وعلى الأرض السلام، وفي الناس المسرة”.
وستظل شجرة الشهداء ما بين شجرة الميلاد وشجرة انتصار الشهباء، وتظل أغصانها نوراً للتضحيات مثمرة بورود من صبر الناس في سوريتنا الحبيبة المؤمنة بمحبتها الفسيفسائية وأملها في الإزهار المستمر المشع بإيجابية بنّاءة للذات والمجتمع والوطن، لذلك، الجميع يعلم والتأريخ، أنّ ما قبل انتصار حلب ليس كما قبله، ولكن ليس الجميع يعلم أنّ عليه أن يكون منتجاً للفرح والأمل مهما كانت الظروف حالكة، لأن القلوب مضاءة بالمحبة، والله محبة ولن يتخلّى عن مخلوقاته، خصوصاً، تلك التي تتحدى الحروب المتنوعة، وتنتصر على شتّى أطياف الظلم والظلام، لأنها تأمل وتعمل وتكافح، وتظل جذوراً متشبّثة بالإخلاص والوفاء والبنيان المرصوص روحاً واحدة، وكينونة واحدة، ونوراً واحداً، ووجوداً واحداً، وهوية واحدة.
وضمن هذه الهارمونية الواحدة كل إنسان مسؤول، والأغلبية في مجتمعنا مسؤولة لكن دون مناصب، لذلك، نتساءل كأغلبية مع بابا نويل وماما نويل: ما الذي تخبئه لنا السنة الجديدة من خير مشع؟ وما الذي انتهجه المسؤولون في المناصب والجهات المختلفة الاقتصادية والتجارية والتعليمية والثقافية والفنية والسياحية لتكون السنة القادمة أملاً وعملاً في جزء من الخلاص، ربعه، ثلثه، أو نصفه، أو أكثر من ذلك؟
هل هناك خطط عملية جديدة متضافرة لانتشال المواطن برأسه الشامخ دائماً مما هو فيه؟ كيف سيكون الحال الجمعي في السنة القادمة؟ هل لن نصادف طفلاً مشرداً وعائلة مشردة؟ ولن نرى المتسولين أو المحتاجين؟ ولن نجد هذا الكمّ من العجائز الذين لا معيل لهم؟ أو الذين تخلّى عنهم أبناؤهم؟ هل سنرى قوانين جديدة تجرّم عقوق الوالدين مثلاً؟ وقوانين أخرى لا تجعل المرأة في الشارع في حال الانفصال أو الطلاق؟ بل أن يكون لها بيت وعمل؟ وقوانين تنظر إلى مستقبل المجتمع من خلال المرأة والأطفال ليكونوا مع أمهم بعد الانفصال؟ وقوانين ترى مستقبل الوطن من مستقبل ساكنيه؟ فلا نجد أطفالاً استلبت الحياة وقوتها اليومي أعمارهم؟ ولا رجالاً ونساء يمشون في الشارع يحدّثون أنفسهم؟ ولا مجتمعاً همه البحث عن تأمين اللقمة؟
ترى.. ما دور التجار في هذه المرحلة؟ وما دور الجشعين الذين أثروا بشكل طارئ من الحرب وآثارها ومن لقمة المواطن تحديداً؟ ما دور التكافل الاجتماعي؟ ولماذا لا تكون هناك مبادرات تبدأ من مختار الحارة لتوظيف الإمكانيات الممكنة من أجل الجميع؟ وهل هناك صندوق مال عام من القادرين على التبرعات من أجل هذا التكافل الاجتماعي الذي يجعلنا لا نرى جائعاً أو معوزاً على الأقل؟
بكل تأكيد، المواطن لا ينتظر بناء مصحات أو دُور للمسنين والأطفال والشباب مثلاً، بل ينتظر بناء المجتمع بعدالة يشع منها النور والمحبة والتضامن والفرح ليأمل ويعمل ويكون سعيداً بشجرة جديدة بكل رموزها ودلالاتها ويحتفل بأبسط الأدوات لأنه موقن بأن هناك من يفكّر ويعمل لأجله، وهو يفكّر ويعمل من أجلهم، والجميع يفكّر ويعمل من أجل الجميع، تماماً مثل شجرة الشهداء، وهذا التفكير والتخطيط والعمل معاً من أجل الجميع هو الهدية الأجمل المضاءة بالمحبة والخير، المرددة دائماً: “المجد لله في الأعالي، وعلى الأرض السلام، وفي الناس المسرة”.