محاولاتٌ حثيثة لعزل موسكو.. ما مصيرها؟
تقرير إخباري:
لم تتوانَ الولايات المتحدة ودول الغرب عن نشر مفهوم “روسوفوبيا” منذ إطلاق روسيا عمليتها العسكرية الخاصة في أوكرانيا، ولم توفّر أي فرصة من شأنها عزل موسكو عن العالم أو تعليق عضويتها في مجلس الأمن الدولي، إلا أنها باءت بالفشل الذريع، ومع هذا تتحيّن اقتناص فرصة مناسبة لتثلج صدرها وتبقى الجوكر، فهل ستفلح؟ أم ستبقى تدور حول نفسها؟
البحث عن فرصة لاستبعاد روسيا الاتحادية من مجلس الأمن أو تعليق عضويتها من أولويات البيت الأبيض وحلفائه، وهذا ما ترجمه مقترح رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال، ولكن الأمر يبدو مستحيلاً لأن القانون يفرض أن يكون قرار الاستبعاد بالإجماع، فكيف إذا كان العضو دائم العضوية كروسيا وفق ما نشرته صحيفة “إزفستيا” الروسية؟ محاولات الاستبعاد أو تعليق العضوية على أبعد تقدير لم تكن الأولى بالنسبة للثعلب الأمريكي، ففي نيسان الماضي تم تعليق عضوية روسيا في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، لكن روسيا استبقت القرار وانسحبت في اليوم نفسه قبل إتمام التصويت، وليس هذا فحسب بل انسحبت من المجلس الأوروبي في منتصف آذار.
الغرب سبق أن طبّق عقوبات على موسكو مع بداية عمليتها ضد النازيين الأوكران باستبعادها من اجتماعات مجلس الأمن، ولكن المفاجأة أن خبراء روس وأمريكان أجمعوا على أن روسيا كانت الوريث الشرعي الوحيد للاتحاد السوفييتي الذي لم يكن مجرد عضو مؤسس في الأمم المتحدة بل تبنى الفكرة إيديولوجيا، لذا لا يمكن استبعادها من دون تدمير المجلس نفسه.
نظام كييف هرع مستنجدا بعجوز البيت الأبيض لطرد روسيا من مجلس الأمن جراء ارتكابها “جرائم حرب” وفق زعمه، ولكن وفق متابعين للمشهد لا يمكن لحلم زيلينسكي أن يتحقق لأن ميثاق الأمم المتحدة لا يحتوي على طريقة لعزل أي عضو دائم من الأعضاء الخمسة “أمريكا، روسيا، الصين، بريطانيا، فرنسا” في مجلس الأمن الدولي.
على المقلب الآخر كانت روسيا قد تنبأت وعلى لسان أحد دبلوماسييها بأن تلقى الأمم المتحدة مصير عصبة الأمم “المفلسة” التي سبقت الأمم المتحدة بهدف ضمان السلام والتعاون بين الدول، والتي استبعد منها الاتحاد السوفييتي على خلفية الحرب بين روسيا وفنلندا قبل انهيار العصبة كلها مع بدء الحرب العالمية الثانية.
أمريكا طالبت بإعادة تشكيل مجلس الأمن بهدف عزل موسكو، وبحجة أهمية مراعاة التمثيل الجغرافي العاجل للدول وفق ما يدعيه جو بايدن، لكن روسيا شددت على أنه لن يتمكن أحد من نزع حق النقض منها في مجلس الأمن نظراً لعدم وجود مثل هذه الآلية ولأن ذلك يدمر أسس المنظمة الدولية.
إذن عجز أمريكا عن منع روسيا من المشاركة في مجلس الأمن بدا واضحاً في قول الناطقة باسم البيت الأبيض كارين جان بيير “إذا كانت هناك طريقة تسمح بمنع روسيا من المشاركة في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لكنّا استخدمناها فورا”، معربة عن أسفها لعدم إمكانية تغيير قواعد الأمم المتحدة، بعد أن ركزت الأخيرة جل اهتمامها على عزل موسكو على الساحة الدولية ومحاسبتها على خلفية الأحداث في أوكرانيا التي باتت على مشارف انهيار اقتصادها وتدهور مستودعات ذخيرتها بعد أن وهبتها لنظام كييف لمقاتلة الجيش الروسي.
في نهاية ما تم عرضه نستنتج أن عزل روسيا أو تعليق عضويتها لحرمانها من استعمال حق الفيتو لن يتحقق باعتراف الأمريكان قبل الروس قولاً واحداً، وهذا يرجع إلى التقارب الصيني الروسي باعتبار أن بكين لن تسمح بذلك وستستخدم الفيتو، وثانياً لم تسمح الصين للولايات المتحدة بالتفوق في المجلس على حليفها الروسي وخاصة بعد الاستفزاز الأمريكي بزيارة مسؤول أمريكي لتايوان رغم التحذير الصيني للبيت الأبيض من استفزازات كهذه.
ليندا تلي