الذكرى السادسة
معن الغادري
في كل عام، يتزامن احتفال حلب بذكرى تحريرها من الإرهاب مع الاحتفال بأعياد الميلاد المجيد ورأس السنة الميلادية، وهو ما يعطي المناسبتين بعداً أخلاقياً وإنسانياً واجتماعياً وتنموياً يعكس الرغبة الصادقة لدى كافة أطياف المجتمع في المشاركة الفاعلة والمؤثرة في عملية البناء والنهوض. ولا شك أن الاحتفال بذكرى تحرير حلب له طعم خاص، فهو يذكرنا بصمود أبناء هذه المدينة الأسطوري – وإن لم نلمح أحداً من صناعه في الاحتفال المركزي الذي أقيم بهذه المناسبة قبل أيام قليلة – كما يذكرنا بملاحم البطولة والفداء والتضحية التي سطرها أبطال جيشنا العربي السوري في مواجهة أعتى حرب إرهابية شهدها التاريخ الحديث والمعاصر.. وليس آخراً، فإن تحرير حلب من الإرهاب ترك إرثاً عظيماً لدى الأجيال القادمة مجبولاً بالعزة والكرامة والفخر.
وفي مقابل هذه المشهدية السنوية رائعة الشكل والمضمون، نرى لزاماً ألا تمر هذه المناسبة مرور الكرام، وأن لا يختصر الأمر بإقامة الاحتفالات الفنية، بل يجب أن تشكل محطة تقييمية حقيقية لما تم إنجازه على كافة الصعد بصدقية وشفافية خالصة، مع الأخذ بعين الاعتبار والجدية الأسباب الخفية وراء فشل وإخفاق معظم الخطط والمشاريع، باستثناء تلك التي لاقت اهتماماً ومتابعة وتوجيهاً من سيد الوطن، السيد الرئيس بشار الأسد، خلال زيارته الأخيرة المباركة لمدينة حلب.
ما نود التأكيد عليه، ونحن نودع عام 2022 باخفاقاته وأزماته الثقيلة، هو أن الخروج من عنق الزجاجة يحتاج إلى سياسات منفتحة ومرنة واستراتيجيات واضحة وخطط استباقية تكون كفيلة لمواجهة أي طارىء وتسهم في التخفيف من الاختناقات الاقتصادية والمعيشية. كما تدعو الحاجة إلى البحث في أسباب تعثر استكمال المشاريع الحيوية، خاصة بما يتعلق بملفات الاصلاح الإداري والطاقة والصناعة والزراعة والتطوير العقاري، وغيرها من الملفات التي على تماس مباشر مع معيشة المواطن. ولعل الأهم من بين كل هذه الملفات، والذي يأخذ صفة الاستعجال أكثر من غيره، وأشرنا إليه غير مرة، هو معالجة ملف “الفساد المالي” الذي لا يمكن علاجه إلا بالكيّ، بعد أن انتشر واستوطن في كامل الجسد المؤسساتي.
مختزل القول: إن إعادة الأمور في حلب إلى جادة الصواب لم تعد تحتمل أي تأخير، وهو ما يتطلب سعياً جاداً من الفريق الحكومي لاتخاذ ما يلزم من قرارات جرئية وشجاعة تنسجم تتسق مع احتياجات ومتطلبات المرحلة الراهنة والمستقبلية، وتحدث التغيير المطلوب والمنشود، وتترجم توجهات واهتمام ومحبة وعطاءات السيد الرئيس لهذه المدينة الصامدة، وهو ما ننتظره أن يتحقق خلال العام القادم، للانتقال بحلب فعلاً وقولاً إلى واقع أفضل، وبما يتناسب مع أهميتها كحامل وداعم للاقتصاد الوطني.