الصين وروسيا.. هل تحول التقارب إلى تحالف
تقرير إخباري:
كثيراً ما يتكرر السؤال إن كانت العلاقة بين موسكو وبكين هي مجرّد تقارب بعد أن رجّح محللون حدوث تباعد بينهما إبان بداية الحرب الأوكرانية، أم أنّ العلاقة بينهما تحولت إلى تحالف استراتيجي، وإن كانا فعلاً يشكلان إنهاءً لحالة القطبية التي سادت في العالم منذ انهيار الاتحاد السوفيتي في أوائل تسعينيات القرن الماضي؟
الحقيقة هي إنّ التحالف الروسي الصيني بدأ منذ بداية الحرب على سورية، ولاحظ العالم كيف أصبح الفيتو الروسي الصيني يناصر هذه القضية الإنسانية المهمة بما يخالف مخططات أمريكا والغرب، ثمّ ترسّخ هذا التحالف الاستراتيجي وتطور في شتّى الصعد إبان العملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا عكس ما روجته القوى الغربية، فروسيا اليوم قوةٌ عسكرية، وتزخر بحوامل الطاقة والمواد الخام، في حين أن لدى الصين المصانع والتكنولوجيا، ورأينا التكامل جلياً بينهما في مظاهر آخذة بالتزايد آخرها، اقتصادياً؛ عندما فتحت موسكو حقل غاز في سيبيريا مخصص للصين، وعسكرياً عبر المناورات والتدريبات العسكرية المشتركة.
وتزداد بشكل يومي الارتدادات الغربية الكارهة لهذا التحالف، فعلى الجانب الصيني أظهرت الولايات المتحدة مدى حضور خطر بكين في مفاصل إستراتيجيتها كمنافس وحيد لكسر هيمنتها بسبب تقدمها التكنولوجي والعسكري وسعيها في بناء علاقات اقتصادية متينة في كل أنحاء العالم، بل دخولها في شراكة مع حلفاء واشنطن، وطرحها العديد من المبادرات والمشاريع الاقتصادية.
وتابعت الصين خطاها في مجال شبكات الجيل الخامس والذكاء الاصطناعي رغم المنافسة الحادة ومحاولات الغرب في عرقلتها عبر العقوبات وقرارات منع التعامل، وحتى على الصعيد العسكري أخذت تنشر الصين قواعدها وصولاً إلى الشرق الأوسط في عمان وجيبوتي، وتقاربت أيضاً مع إيران، مفنّدةً فرضية الولايات المتحدة بأن من يتزعم العالم لا يكفيه القوة الاقتصادية بل يحتاج للقوة العسكرية.
أما روسيا فتتابع عمليتها، والتي عاد الرئيس بوتين لتسميتها مؤخراً بالحرب كون “الناتو” وأمريكا مشتركان فيها بشكل مباشر وواضح ضدّ موسكو، ولاحظنا أن روسيا تغير تكتيكاتها العسكرية في كل فترة ومرحلة وبشكل تدريجي، وقد وضعت النصر نصب أعينها بغض النظر عن حدوث كر وفرّ وانسحابات في بعض المناطق، فهي تدافع عن وحدة الشعب الروسي ضدّ سياسة فرّق تسد التي واظب الغرب على إتباعها ضدّ الدول التي يعاديها منذ الحرب العالمية الأولى، ونشهد الآن محاولاته لزج دول البلقان والبلطيق في صراع ضدّ روسيا لإكمال مشروعه التقسيمي، فكان الرد بزيادة تقارب موسكو مع مينسك الذي وصل أيضاً مرحلة التحالف بعد كشف بيلاروسيا حجم المخططات التي كانت تحاك في المنطقة
لقد رسمت التحديات الأخيرة التي واجهت موسكو وبكين حقبةً جديدة تعزّز من تصدرهما المشهد الدولي في كافة المجالات، في حين تستمر سيطرة واشنطن وهيمنتها على العالم، لكن مع آلاف من الثغرات ونقاط الضعف المتراكمة التي تشي بسقوطها كقطب أوحد.
بشار محي الدين المحمد