أمنيات للعام الجديد
سلوى عباس
يرحل عام ويأتي عام جديد، نتأمل تفاصيل سنة مضت، وبداية سنة جديدة نجهل ما تخبئ في جعبتها.. هي فرصة لنقف مع أنفسنا نراجع حساباتنا، ونضع تصورات لمنجزنا الشخصي والإبداعي، سنة جديدة مفرودة أمامنا هي فرصة لتدخلنا في تصريف أمورنا، تغيير بعض عاداتنا، طريقة تفكيرنا وازدراء كل ما سبق أن آذانا وسبّبَ بعض خيباتنا، وبالتالي إمكانية انجاز ما أهملناه طويلاً، والحصول على متعة مصالحة الذات والخلاص من البرودة والبطء واليأس الذي يسم حياتنا، وقد سألني أحد الصحفيين بعض الأسئلة حول العام الجديد: “هل لديك تصوّرك الخاص لهذه السنة؟ هل أنت من الذين يضعون أجندة لأعمالهم، أو تضعين مخططاً أولياً لسنة مقبلة؟ ما هي مشاريعك أو أمنياتك التي تنوين العمل عليها وتحقيقها في عام 2023 على الصعيدين الإبداعي والشخصي؟”.
.. “صفنت” قليلاً في هذه الأسئلة، وبحثت في ذاتي عن أجوبة تتطابق معها، وهل ما أعيشه يندرج في سياق هذه الأسئلة وحيثياتها، أم أن هناك رؤية أخرى قد تنبثق مع توالي الأيام؟ لكن، وبعيداً عن اختراع أجوبة دبلوماسية لهذه الأسئلة، أنا إنسانة عاشقة للحلم لأنه حالة استثناء في هذا الخراب، وأن نفكر أن نكون استثناء فهذا يعني أننا نرغب بالآتي، بل ونعشق خطو قدومه، لذلك أتمناها سنة جديدة تتحرّر من كل ما قبلها من آلام وصعوبات وقهر وضياع، أتمناها أن تلقي بثقل ما حملت في السنوات السابقة، وتدخل فضاء رحباً من الضياءات، واعتقادي أن أمنيتي هذه ستأتي ولو بجزء مما أتصوره وأبتغيه، فأوجاعنا كثيرة، لكن ليس غير الإبداع ما ينقذنا من الأوجاع، ويخفف أثقال الحياة.
أما بالنسبة لمشاريعي فإنني في أفق مشوب بالغيب لا يمكنني وضع مشاريع بتواريخ محدودة، فالسنة المقبلة هي زمن مرهون بأمان الوطن ومجريات أحداثه وانفراجات ضغوطات الحياة، وفي ظلّ ذلك تبقى مشاريعنا وأحلامنا مستمرة، وقد تعلّمت أن الجري واللهاث لا ينسجم مع طبيعة الكتابة التي تتطلب الكثير من الجهد والصبر والتأني، كما آمل بعين الواثق أن النخل الذي يحمل الرطب لا بد وأن تأكل من ثماره الأعين والقلوب.
على المستوى الشخصي، قد أضع بعض الأجندات لزمن قصير، لكنه ما يلبث أن يتغيّر وهذا طبيعي، لكن على المستوى الإبداعي فغالباً أترك علاقتي الجدلية بين البياض والسواد في الكتابة، إذ تفرض هذه الكيمياء حضورها في لحظة الكتابة وبلا تصور أو أجندة، لكن بعد الحضور وخروج النص من ذروته الإبداعية يبدأ العمل على تصوراته الجديدة من حيث الفكرة والدلالة، لذلك أول مشاريعي أنني عازمة على التخلص من الكسل الذي أعتبره من ألدّ أعدائي، -إذا كان لديّ أعداء-، وقد آن الأوان لأنفض هذا الغبار والقيام للكتابة التي اعتبرها قدري الذي يلاحقني ولا ألاحقه، وسأحاول في العام الجديد وفي كلّ لحظة الاستمرار في الكتابة عن أناس لا يقتلون، ولا يفسدون، سأكتب عن أناس يحبون ويعشقون ويحمون الحقيقة، وهؤلاء على ندرتهم هم غايتنا.. سأظلّ أتحدث عن جمال الحياة، وعن الحب، كما سأكتب عن سورية الشعب والأرض والحضارة والرمز والحب، عن الوطن المعذب وعن السوري الذي تحوّل من عاشق إلى قاتل، وكيف يعود إلى جنة الإنسان من جديد.
أما من ناحية الأمنيات فلا تخرج أمنية بأجنحتها البيضاء إلا وأمنية الخلاص من الوجع اليومي الذي تعيشه حبيبتنا سورية، هي حلمنا الكبير وأمنا التي نحلم أن تتعافى وتبقى أجمل البلاد، فالسلام لوديان بلادي ونخيلها وأرضها وترابها، لأن أجمل الأماني أن يبقى الوطن.