الصفحة الاخيرةصحيفة البعث

وزاد في الطنبور “نقَما”

عبد الكريم النّاعم

أصل المثل كما تعرفون “وزاد في الطنبور (نغما)”، بيد أنّ طنبورنا له أوتاره الخاصة المناسبة لزمنه، فنحن في أزمنة “النّقم”، أمّا أزمنة “النّغم” فقد غابتْ مع ما غاب من أشياء جميلة.

قبل الوصول إلى الموضوع الرئيس في هذه المقالة، أرى من الضروريّ أن أذكّر بأنّ ما شكونا منه، وما سنشكوه، مسؤولة عنه أمريكا بالدرجة الأولى. أرجوكم اصبروا عليّ قليلاً ولا تقطعوا القراءة، أنا أعلم أنّكم كرهتم هذه النّغمة لكثرة ما تلطّى خلفها أناس من الذين عُهد إليهم بموقع ما، قادرين فيه على الفعل، فبعض الصبر وسنصل إلى لبّ الموضوع المقصود.

أقول أمريكا مسؤولة بمَن معها من الخدم، وهم في قصورهم مئات من الخدَم، أمّا هم فإنهم خدم من نوع آخر، فأمريكا عبر هؤلاء، وبأموالهم، استقدموا ما استقدموا من مرتزقة العالم، ومهابيله الطائفيين، واستأجرتْ مَن استأجرت من أهل الداخل، وضُلِّل عدد قليل، ربما أصابهم من الندم عما فعلوا أكثر مما وصلهم من النّعم، يكفي أن أذكّركم بأنّ قطر وحدها – وأؤكّد على مفردة “وحدها” – قد دفعت أربعة وثلاثين ملياراً من الدولارات، لا أقول هذا لأسوّغ للمقصّرين تقصيرهم، بل هذا يحمّلهم مزيداً من المسؤوليّة التاريخيّة، لأنّ مَن يقصّر وهو قادر فهو إمّا متآمر، أو قاصر.

المهمّ ها نحن على ما نحن عليه كما تعيشون لحظة بلحظة، لم نعد نعرف كيف نستطيع رتْق هذه أو تلك، فكلّه مرتوق، مفْتوق، غلاء فحش الفاحش، وبرْد يقصّ المسمار، والآتي منه أعظم، فنحن مازلنا في طور الحنجلة من حيث البرْد، ولنا “حلفاء” ما أدري ماذا أقول عنهم، سأؤجّل ذلك لوقت آخر، والمثل الشعبي يقول “الصديق وقت الضيق”، أقول هذا وفي فمي “جمر” بدل الماء.

ثمّة ما يُشبه التصريح، من مسؤول في وزارة التجارة الداخليّة وحماية المستهلك، خلاصته أنّ ثمّة مشروعاً مطروحاً للبحث يتلخّص أن تتغيّر صيغة الدعم الذي تقدّمه الدولة لبعض المواد التموينيّة، فيُدفَع للمستحقّ بدلاً ماليّاً، ولكنّه بدل معتمَد على بطاقة “ذكيّة!!” تُصرف حتماً في المؤسسة الاستهلاكيّة. وقد يبدو الطرح معقولاً، ولكنّ التخوّف ينسف المشروع ليتحوّل إلى كارثة بالنسبة لصاحب الدّعم، وذلك لأنّ المواطن إذا ذهب إلى المؤسّسة وطلب، مثلاً، قنّينة زيت مازولا، وقيل له غير موجود، ولكنّنا ننصحك حتى لا يضيع حقّك أن تشتري بدلاً منها علبة مرتديلاّ، وهنا إمّا أن يقبل المستحق المدعوم!! وإمّا أن يرفض ويطير الدّعم، وهكذا تسعى المؤسسة لبيع ما تراكم لديها من مواد، وهي رابحة في كلّ الأحوال، والخاسر الوحيد هو المواطن.

وهنا لا بدّ من فتح باب التساؤلات: ترى هل المقصود هو خصخصة هادفة، لا يستفيد منها إلاّ مَن وضع في رأسه هدفاً يمهّد لخصخصة كلّ ما له صيغة من صيغ الدعم الذي اعتاد عليه مواطننا، منذ أكثر من نصف قرن؟!!

تُرى، هل ثمّة لجان اقتصاديّة تقف وراء هذه الخطوات، تمهّد بذلك للوصول إلى ما أشرنا إليه قبل قليل؟!!.

إنّ العقل يرجّح أنّ جهة رسميّة لا يمكن أن تطرح ذلك دون ضمان تجسيده، وهكذا يكون المواطن “المعتّر” هو مَن سيدفع الثمن، وكأنّه لا يكفينا ما نحن فيه من “تعتير”، أعني نسبة 95% من المواطنين “الغلابة”، ويستفيد على المدى العميق نسبة 5%، وهي النسبة التي لم تعد تعرف أين تضع أموالها التي جمعتها من النّهب، والسمسرة الخفيّة، والمشاركة المشبوهة،

هل مَن يسمعنا من أهل القول الفصل؟!!.

aaalnaem@gmail.com