أوروبا تجدّد سلاحها.. وواشنطن تسوّقه.. وأوكرانيا إلى الجحيم
تقرير إخباري:
يبدو أن العنوان أعلاه يلخّص المشهد القائم حالياً في العلاقة بين الغرب الجماعي وأوكرانيا، فالدول الأوروبية أتاها من يقنعها من خلف المحيط بأن عليها أن تقدّم المساعدات العسكرية للنظام الأوكراني حتى يحقّق لها الحلم التاريخي بهزيمة روسيا استراتيجياً، وفي هذا طبعاً يداعب غرور الزعماء الأوروبيين الناقمين على روسيا حتى القعر، ولكنه في الوقت ذاته يؤمّن إمداداتٍ مالية كبيرة لشركات الأسلحة الأمريكية التي ستجني مئات المليارات من مشروعات تحديث ترسانة الدول الأوروبية من الأسلحة، وكل ذلك طبعاً يصبّ في خانة واحدة هو السطو على السيولة المالية الموجودة في البنوك الأوروبية لمصلحة إنعاش الاقتصاد الأمريكي المتهالك، ولكن بطريقة مبتكرة نوعاً ما.
فقد أفادت صحيفة Niezależny Dziennik Polityczny البولندية، في مقال نشرته، بأن الدول الغربية تزوّد قوات كييف بأسلحة قديمة، لتجديد ترسانتها الخاصة.
وأوضح كاتب المقال، ياتسيك توخمان، أن المساعدات العسكرية الغربية المقدمة لقوات كييف لا تتوقف، مشيراً إلى أن هذه الأسلحة تكون في حالة تقنية سيئة، ومجرّد خردة معدنية، الأمر الذي تؤكده قوات كييف، وبالتالي فإن السلاح الذي يتم تقديمه ليس مطلوباً منه تحقيق الانتصار على الأرض وإنما المطلوب فقط إطالة أمد الحرب واستنزاف الأطراف المستهدفة بما فيها أوروبا.
وأضاف توخمان: إن خبراء معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (SIPRI)، أكدوا أن معظم الأسلحة الغربية المقدّمة لأوكرانيا، ترسل من الاحتياطات العسكرية القديمة، بهدف إفراغ المخازن، وإعادة ملئها بأسلحة حديثة، وهذه المخازن سيعاد ملؤها طبعاً من شركات السلاح الأمريكية التي ستجد مورداً مالياً ضخماً تعيد من خلاله تشغيل مصانع السلاح.
وأشار إلى أن تنظيف المستودعات من الخردة، عملية مفيدة للغرب، منوهاً بأن الشركات العسكرية الأمريكية، أمثال، Raytheon، وLockheed، وMartin، وNorthrop Grumman، شرعت في إبرام العقود، لتجديد الترسانة العسكرية للولايات المتحدة وحلفائها.
كذلك أضاف، نقلاً عن صحفيين بريطانيين: إن شركة Raytheon، أبرمت عقداً بقيمة 625 مليون دولار لتجديد مخزون أنظمة Stinger المضاد للطائرات، في مستودعات الولايات المتحدة، والدنمارك، وإيطاليا، ولاتفيا، وليتوانيا، وهولندا، بعد أن استنفدت مخزوناتها من هذا النظام خلال دعمها لقوات كييف.
وأكد توخمان، أن الولايات المتحدة تستخدم غطاء المساعدات العسكرية، لتحقيق أهدافها الخاصة، والضغط على الغرب لشراء الأسلحة الحديثة من مصانعها العسكرية.
وبالمحصّلة فإن الغرب الجماعي يتعامل مع زيلنسكي بالطريقة ذاتها التي استخدمها اليهود مع موسى عليه السلام، عندما قالوا: اذهب أنت وربّك فقاتلا إنّا ها هنا قاعدون، ولكن مع تقديم المزيد من السلاح غير القادر على حسم المعركة بل إطالتها، في الوقت الذي تتحوّل فيه أوكرانيا إلى دولة فاشلة على خلفية إفراغ مخزوناتها واحتياطياتها من الحبوب والأسمدة والمعادن في حرب عبثية المستفيد الأكبر منها جزء من الغرب الجماعي وهو الولايات المتحدة الأمريكية، بينما تحتفظ أوروبا بدور الخادم المطيع لواشنطن على تنفيذ سياساتها حتى لو كان ذلك على حساب الاقتصاد الأوروبي المتهالك تحت ضغط أزمات الطاقة والتضخم وارتفاع أسعار السلع والمواد، الأمر الذي سينتهي حكماً بثورات شعبية في تلك الدول.
طلال ياسر الزعبي