رودينكو: سياسة أمريكا وحلفائها الهادفة لتدمير الأمن العالمي عززت ضرورة تعاون روسيا والصين
موسكو – تقارير:
بعد تطورات الحرب الأوكرانية تسعى الولايات المتحدة جاهدةً لإشعال التوتر في مناطق مختلفة في العالم أبرزها منطقة آسيا، سعياً منها لاستفزاز روسيا والصين، وذلك عبر أدواتها في المنطقة، وأمام هذا المشهد الجديد المتفاقم أعلنت روسيا جملةً من المواقف أكدت من خلالها على أهمية العلاقة الاستراتيجية مع الصين، كما أوضحت موقفها إبان استفزازات اليابان وكوريا الجنوبية وخطرهما على آسيا والمحيط الهادئ.
وفي السياق، قال نائب وزير الخارجية الروسية أندريه رودينكو: إن موسكو وبكين تدركان وجود الحاجة إلى التعاون الاستراتيجي بين البلدين في الظروف الحالية.
وأضاف في حديث لوكالة “تاس”: “لا شك في أن الزيادة الكبيرة في احتمالات نشوب نزاع في العالم والسياسة الأخيرة للولايات المتحدة وحلفائها الهادفة إلى تدمير نظام الأمن العالمي وتركيزهم على كبح التنمية في بلداننا، جعلت من الواضح لروسيا والصين وجود ضرورة لتعزيز الصلة الاستراتيجية بينهما بكل الطرق الممكنة، لكي يتمكنا ليس فقط التصدي لتصرفات واشنطن المدمرة، بل وإطلاق عملية تعبئة القوى البناءة للمجتمع الدولي من أجل تشكيل علاقات دولية جديدة شفافة وعادلة”.
وأشار رودينكو إلى أن أهم عمل في هذا السياق، يجري على شكل حوار سياسي مفعم بالثقة بين رئيسي الدولتين.
وتابع: “يملك تعزيز تنسيق السياسة الخارجية بين روسيا والصين القائم على التطابق أو التقارب في التعامل مع المشكلات العالمية الرئيسية، دورا كبيرا في استقرار نظام العلاقات الدولية بأكمله، وهو يلعب دور المحفز في انتقال هذا النظام تدريجيا إلى التعددية القطبية، لينال شكلا أكثر توازنا واستدامة
ونوه رودينكو بأن عودة اليابان إلى العسكرة تمثل تحدياً خطيراً لأمن روسيا وآسيا والمحيط الهادئ، محذّراً من أن موسكو ستواجه وسترد على أي تهديد عسكري ياباني.
ونقل موقع روسيا اليوم عن رودينكو قوله في تصريحات: “لفتنا إلى استعجال إدارة رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا في التخلّي عن مسار التنمية السلمية لليابان، والتي التزمتها طوكيو منذ عقود والتحوّل إلى العسكرة، حيث باشرت بإجراء مناورات عسكرية واسعة النطاق بالقرب من الحدود الروسية بمشاركة حلفاء غير إقليميين، وأعلنت تبني عقيدة جديدة للدفاع والأمن وزيادة غير مسبوقة في الإنفاق العسكري”، مشيراً إلى أنّ روسيا تعبّر عن موقفها من هذه المسألة بشكل علني وعبر القنوات الدبلوماسية.
وأضاف: “نعتبر مثل هذا النشاط من طوكيو تحدّياً خطيراً لأمن بلادنا ومنطقة آسيا والمحيط الهادئ، ونحذّر من أنه إذا استمرت هذه الممارسات سنضطر لاتخاذ التدابير الجوابية المناسبة لإبطال التهديدات العسكرية لروسيا”.
ولفت رودينكو إلى أن اليابان لا تتخلى عن نهجها ومسارها المعادي لروسيا، لذلك يبدو الحوار بشأن توقيع معاهدة سلام معها أمراً مستحيلاً، مشيراً إلى أنه “من الواضح تماماً أنه من المستحيل مناقشة توقيع مثل هذه الوثيقة مع دولة تتخذ مواقف غير ودية علانية، وتسمح لنفسها بتهديداتٍ مباشرة ضدّ بلدنا، ولا نرى بوادر على ابتعاد اليابان عن المسار المعادي لروسيا ولا توجد أي محاولاتٍ لتصحيح الوضع القائم حالياً”.
وأشار رودينكو إلى أن الجانب الروسي تفاوض سابقاً مع اليابان حول معاهدة شاملة كاملة بشأن السلام والصداقة وحسن الجوار، والتي كان يجب أن تحدد الاتجاهات الرئيسية لتسريع تطوير كل العلاقات الروسية اليابانية، ولكن مع بدء العملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا انخرطت الحكومة اليابانية بنشاط في تنظيم الحملة الغربية المعادية لروسيا، وقامت عملياً بتفكيك كامل لنتائج التعاون متبادل المنفعة المتراكم على مدى سنوات عديدة.
وحول الوضع في شبه الجزيرة الكورية أكد رودينكو أنه لم يعد من الممكن العودة إلى “دبلوماسية القمم” في التسوية الكورية، حيث قدّمت كوريا الديمقراطية الشعبية مبادرات حسن نية دون أي مقابل من الطرف الآخر.
وشدّد رودينكو على أن الولايات المتحدة أضاعت في شباط 2019 في هانوي فرصة إبرام صفقة كانت مربحة للغاية لها مقابل رفع جزئي للعقوبات الدولية المفروضة على الاقتصاد الكوري الديمقراطي، وفي النتيجة خاب أمل بيونغ يانغ في منطق التفاوض.
وصرّح رودينكو، بأن كوريا الجنوبية انضمت للعقوبات الغربية ضدّ روسيا في آذار 2022، بسبب الضغوطات الأمريكية.
وأوضح رودينكو، لوكالة “تاس” الروسية، أن الولايات المتحدة تسعى لإنهاء العلاقات الثنائية بين روسيا وكوريا الجنوبية، ولهذا السبب تعمدت الضغط على سيئول لتنضم للعقوبات الغربية ضدّ موسكو.
وأضاف: إن موسكو ترى، وتقدر مساعي كوريا الجنوبية في الحفاظ على علاقات عملية متوازنة مع روسيا، وسعيها لإيجاد بدائل لتقليل الأضرار الناجمة عن القيود الغربية على مجالات التعاون الثنائي بين البلدين، لمنع انهيار العلاقات بشكل كامل.
كذلك، أكد رودينكو، أنه بالرغم من الوضع الدولي المعقد، والمتغيرات السريعة في السياسات الدولية، إلا أن روسيا مهتمة بتطوير علاقات مستقرة، مع الكوريتين الشمالية والجنوبية، وتحقيق المصالح المتبادلة، معتبراً أنه على واشنطن وحلفائها التخلي عن نهج فرض العقوبات على كوريا الديمقراطية الشعبية لعدم فعالية ذلك كطريقة لحل مشاكل شبه الجزيرة الكورية، وأنه يجب على الجانب الأمريكي إرسال إشارة إلى بيونغ يانغ من أجل الاستعداد للحوار لتحقيق الانفراج وتدابير بناء الثقة ومبادئ التعايش السلمي، وبناء نظام متعدّد الأطراف للسلام ومراقبة التسلح في شمال شرق آسيا، موضحاً أن كل ذلك سيسمح بحل المخاوف المشروعة لجميع دول المنطقة من خلال توفير ضمانات أمنية قانونية ملموسة.