فوارق خدمية
معن الغادري
يظهر واضحاً في حلب فارق الخدمات بين حي وآخر، إذ تنعم الأحياء الراقية في الجهة الغربية من المدينة بالنظافة والرتابة والهدوء، بينما تعج الأحياء الشعبية والمكتظة بالفوضى وبالحفر المتكاثرة والمتناثرة وبقع المياه الملوثة وانتشار القمامة على الأرصفة وفي الشوارع الرئيسية والفرعية، وهو ما يرفع من مؤشر الإصابة بالأمراض المختلفة، ويزيد من انتشار الحشرات والقوارض التي تقض مضاجع المواطنين ليلاً نهاراً.
وبعيداً عن توصيف الحالة ومسبباتها وإفرازاتها ومخاطرها الصحية والنفسية وانعكساتها السلبية على المشهد العام للمدينة، ثمة خلل في ألية التعاطي الخدمي مع هذه الأحياء من قبل القطاعات الخدمية المعنية، والتي يفتقد عمالها وعناصرها إلى الحافز والدافع للقيام بمهامهم على أكمل وجه، وقد يكون ذلك مرتبطا بشكل أو بآخر بالعامل المادي، أو بما يسمى “الإكرامية” أو “الشهرية”، والتي تبدو متاحة وبسخاء في الأحياء الراقية في حين تكاد تكون معدومة في باقي الأحياء الشعبية والفقيرة.
يضاف إلى ذلك غياب الدعم المادي والفني والتقني الذي يسخر بمجمله لتخديم أحياء ومناطق بعينها “مدعومة”، حسب قول الكثيرين على حساب مناطق وأحياء أخرى أصبحت مع مرور الوقت منسية.
ولا يختلف مشهد هذه الأحياء، والذي أشرنا إليه مراراً وتكراراً، عن واقع الحال في الساحات والأسواق والأرصفة في وسط المدينة ومختلف تفرعاتها المتصلة مع أحيائها، قديمها وجديدها، والتي غابت معالمها وإحداثياتها قياساً على حجم الفوضى والانتشار العشوائي للبسطات وعربات الخضرة الجوالة المتداخلة مع المارة والسيارات، وهو المشهد اليومي المعتاد الذي يتفاقم وتتسع دوائر تجاوزاته ومخالفاته في ظل التمادي غير المقبول في التعدي على حرية المواطن والأملاك العامة.
مما تقدم، نجد من المفيد التحذير من مخاطر ازدياد رقعة هذه المظاهر المسيئة والمشوهة داخل المدينة، ومن المفيد أيضاً التذكير بدور ومهام مجلس المحافظة كجهة رقابية على عمل القطاعات الخدمية. كذلك الأمر ينسحب على الضابطة الشرطية والعدلية، وغيرها من الجهات المعنية المنوط بها مهام إزالة المخالفات وضبط إيقاع الأحياء والأسواق على السواء، وإعادة الروح والنضارة لها، وعدم التراخي في قمع المخالفات التي تشوه المدينة، وبموازاة ذلك يطلب منها التعاطي العادل والمتوازن في الجانب الخدمي، خاصة بما يتعلق بموضوع النظافة وعمليات تأهيل وترميم الأرصفة والشوارع، لا أن يقتصر الإهتمام والعمل على حي أو منطقة دون أخرى، وذلك من منطلق المساواة في الحقوق والواجبات،ولا أن يقتصر العمل على تحسين الواقع الخدمي وتنظيف وشطف الشوارع والساحات في المناسبات عند زيارات كبار المسؤولين للمحافظة فقط،