برامج الدعم النفسي.. دور مهم للتعافي والتأقلم مع الأزمات وتنشيط للحالة المجتمعية
دمشق- وفاء سلمان
تُبرز الظروف الصعبة التي يعيشها الناس في هذه الأيام أهمية الدعم النفسي للأشخاص وللمجتمع ككل، فهو عملية تسهيل القدرة على التأقلم لدى الأفراد والأسرة والمجتمعات، ويساعد الأفراد على التعافي بعد أن عطلت الأزمات حياتهم، وذلك من خلال قدرتهم على العودة إلى الحالة الطبيعية بعد معايشتهم لأحداث مؤلمة ومؤذية، حيث يعزّز ثقة الفرد بنفسه ويعطيه شعوراً بالسعادة والامتنان، وفق ما أكده المدرّب الدولي سمير هادي الاستشاري بالصحة النفسية، والذي بيّن كيفية الدعم النفسي والاجتماعي خلال الأزمات والظروف الطارئة، لافتاً إلى أنه قبل جائحة كوفيد 19 كانت إحصائيات الصحة النفسية تشير إلى أن نصف حالات عدم التوازن في الصحة النفسية تكون في سن الـ14 وأن هناك اختصاصي صحة نفسية واحداً لكل 10000 شخص، ويزداد الوضع خطورة في مناطق النزاعات المسلحة، حيث يعاني شخص واحد من كل خمسة أشخاص، أي ما يعادل 22 بالمائة، شكلاً من أشكال الاضطرابات العقلية، بدءاً من الاكتئاب الخفيف وصولاً إلى القلق والذُهان، وهذه الإحصائيات ما قبل كوفيد 19، ولكن العدد تضاعف مع بداية عام 2020 وما سبّبه هذا الفيروس من خوف وقلق على الإنسان، بالإضافة إلى الشدائد والتداعيات التي أحدثها الفيروس مثل فقدان سبل العيش وإجراءات الإغلاق وفقدان الأسرة والأصدقاء، فضلاً عن قلة التعليم وكثرة الروتين، وكلّ هذا من العوامل الخطرة على الصحة النفسية على المديين القصير والطويل.
وذكر هادي عدة وسائل وطرق للدعم النفسي والاجتماعي، كالدعم العاطفي الذي يتمثل في إظهار مشاعر الحب والاهتمام، ومشاركة الداعم للفرد في معاناته وتفاصيلها، وهذا الدعم يُشعر الشخص بالأُنس والثقة والأمان، والدعم المعنوي المتمثل في الكلام والذي قد يتضمن مواساة في الأزمات أو مباركة وتهنئة في الأفراح والإنجازات والتشجيع والدفع للأمام في مسيرة العمل والتعلم، والدعم السلوكي الذي يعتبر أعمّ وأشمل من أنواع الدعم السابقة، حيث يقدم فيه الداعم إجراءات حقيقية وتحركات فعلية في حلّ الأزمة ومساعدة الشخص الذي يعاني، والدعم بتقديم المعلومات، حيث يعتبر نوعاً من الدعم العملي الذي لا يُكتفى فيه بكلمات الإنشاء والتعبير عن المشاعر، بل يشمل توجيه النصائح العملية وإرشاد الشخص إلى الحلول، أما الدعم المادي الملموس فهو بمثابة تسهيل الخدمات أو تقديم المساعدات العينية أو المالية في المواقف الحرجة والذي قد يكون إنقاذاً فعلياً للأشخاص من مشكلاتهم.
وبيّن هادي مصادر ومناهج الدعم النفسي والاجتماعي التي تتعدّد لتشمل أكثر من مصدر، أبرزها وأكثرها فاعلية الأهل والأسرة لأنهما الداعم الأول للفرد، حيث قرب المكان والمكانة، ما يجعل تأثيرهم كبيراً جداً على الفرد، والأقران والأصدقاء، فأحياناً تقارب السن والاشتراك في الدراسة يعزّز من تأثير الأصدقاء ورفاق العمل، ويجعل دعمهم فعّالاً، كما للجهات والمؤسّسات المعنية دور، وخاصة التي تشمل العيادات النفسية ودور الرعاية وبعض المؤسّسات المختصة.