الأمم المتحدة ساحة معركة أخرى ضدّ روسيا
هيفاء علي
تعتبر تصريحات وزير الخارجية الأوكراني حول عزم نظامه رفع مسألة استبعاد روسيا من الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بمثابة تدريبات خطابية تهدف إلى الدعاية العسكرية، هذا إذا لم تكن تعكس التصريحات السابقة لكبار المسؤولين في الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.
ومن الواضح أنه، في عام 2023، سيتعين على روسيا القتال للحفاظ على قدراتها الحالية في الأمم المتحدة، ويمكن أن تؤدي هذه المعركة إلى تغييرات جذرية في جميع أنحاء هذه المنظمة، لأنه منذ بدء العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا، كان الممثلون الغربيون يتحدثون عن طريقة لـ “معاقبة” روسيا على مستوى الأمم المتحدة، ولكن دون الذهاب إلى حد الإدراك العملي لمبادرات من هذا النوع، فمن المستحيل استبعاد إحدى الدول المؤسسة من الأمم المتحدة، ولم يسبق أن حدث مثل هذا الإجراء القانوني، وينسحب الأمر على حرمان روسيا من مكانتها كممثل دائم في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.
وبحسب محللين روس، هناك حاجة ماسة إلى تغييرات مناسبة في ميثاق الأمم المتحدة، وهو أمر مستحيل دون موافقة موسكو. مع ذلك، في الأشهر الأخيرة، كان هناك حديث متزايد في الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة عن التغييرات الضرورية للحد من نفوذ روسيا. وفي السياق، أجرى رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل مؤخراً مقابلة مع الصحفي الروسي أليكسي فينيديكتوف عبر من خلالها عن فكرة المسؤول الأوكراني، ولكن في صيغة أقل تطرفاً، مشيراً إلى أنه يجب أن تكون هناك آلية لتعليق العضوية، نافياً أن يكون القصد هو طرد روسيا بشكل دائم، ولكن على الأقل تعليق العضوية الروسية في مجلس الأمن، مع الاعتراف بأن هذا الامر غير ممكن في الوقت الحالي، لكن الكونغرس الأمريكي لا يوافق.
في منتصف كانون الأول الماضي، قدم عضوان من مجلس النواب، الديموقراطي ستيف كوهين والجمهوري جو ويلسون، مشروع قانون يقترح تمرير قرار يدعو الرئيس الأمريكي جو بايدن ووزارة الخارجية الأمريكية للتشاور مع حلفاء واشنطن لإيجاد طريقة لتقييد أو تعليق أو إلغاء الحقوق والامتيازات التي تمتلكها روسيا في مجلس الأمن التابع. ومن المتوقع أن يتم النظر في مشروع قانون كوهين – ويلسون، في كانون الثاني، من خلال التكوين الجديد للمؤتمر الذي تم تشكيله بعد انتخابات التجديد النصفي التي جرت في تشرين الثاني الماضي. كما تحدث جو بايدن أيضاً عن الحاجة إلى إجراء تغييرات في عمل الأمم المتحدة، حيث دعا في أيلول الماضي، إلى إصلاح مجلس الأمن الذي يضم حالياً 15 عضواً، من بينهم 5 أعضاء دائمين هم: روسيا، الصين، المملكة المتحدة، الولايات المتحدة، فرنسا، ولهم حق النقض ضد قرارات المجلس.
لقد استخدمت روسيا هذا الحق عدة مرات منذ بداية الصراع الروسي الأوكراني، واستخدمته أيضاً هي والصين بشأن الأزمة السورية عدة مرات. وعليه، سوف تشهد الساحة الدولية، في عام 2023، صراعاً لزيادة عدد الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وروسيا تؤيد هذه الفكرة، لكن يبقى معرفة أي البلدان ستكون مرشحة، وروسيا منفتحة أمام انضمام البرازيل والهند كعضوين دائمين، وتعارض توسيع مجموعة الدول الخمس مع ألمانيا واليابان، بدعم من الولايات المتحدة. وبالتالي، فإن النضال من أجل إصلاح الأمم المتحدة سيكون مكثفاً وحامي الوطيس.
هذه المحاولات الغربية الرامية إلى تعليق عضوية روسيا في مجلس الأمن تذكر بالتأكيد بإقدام جامعة الدول العربية على تعليق عضوية سورية فيها، تنفيذاً لأوامر المعتدين على سورية، مع العلم أن سورية من الدول المؤسسة لجامعة الدول العربية. ولكن عندما تنعدم الأخلاق في السياسة يصبح كل شيء ممكناً، لأن جامعة الدول العربية غدت أداة بيد السيد الامريكي، وباتت مجرد دمية تنفذ تعليماته وأجندته في المنطقة العربية، باستثناء بلدين أو أكثر يعارضان هذا الأمر. وكذا الأمر بالنسبة للأمم المتحدة التي لا تعدو كونها أداة هي الأخرى بيد الولايات المتحدة.