أردوغان.. ستة أشهر فقط لانتخابات 2023
البعث الأسبوعية ــ المحررة السياسية
في غضون الأشهر الستة القادمة، من المؤكد أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان سيواجه انتخابات صعبة، فبحسب استطلاعات الرأي يحظى منافسه رئيس بلدية اسطنبول أكرم إمام أوغلو بشعبية كبيرة، ويتقدم عليه بفارق كبير.
أردوغان المعروف بدهائه استخدم بياناً غامضاً أدلى به إمام أوغلو في عام 2019 وأمر المحاكم التركية بمحاكمته بتهمة “إهانة مسؤولين رسمين”، وبناءً عليه حُكم، في 14 من الشهر الماضي، على إمام أوغلو بالسجن لمدة عامين و7 أشهر و15 يوماً، كما تم حرمانه من العمل السياسي خلال فترة العقوبة.
وبعد إدانته، توجه إمام أوغلو للحشود قائلاً: “لست خائفاً على الإطلاق من حكمهم غير الشرعي.. ليس لدي قضاة يحمونني، لكن لدي 16 مليون من أهل إسطنبول وأمتنا خلفي”.
سياسة أردوغان
تُظهر استطلاعات الرأي أن فرص أردوغان ستكون منخفضة لأسباب عديدة، منها دعمه للولايات المتحدة وحلف الناتو، منذ عام 2011 في حربهما على سورية، حيث باءت خطة أوباما بالفشل، لكن تركيا عانت من آثار دعم المشروع الفاشل الذي ترعاه الولايات المتحدة.
بالإضافة إلى ذلك، عزز حزب العدالة والتنمية، المتحالف مع “جماعة الإخوان المسلمين”، وحدة تركيا مع قطر، وبدأ بالتحول من العلمانية إلى الأصولية. فاستضاف أردوغان الإرهابيين الدوليين أثناء عبورهم المطارات، وأنشأ لهم مقار في معسكرات على الحدود السورية.
لكن بهذا العمل، فقدت تركيا أكبر سوق تصدير لها في عام 2012، حيث مثلت الصادرات التركية إلى سورية 50٪ من إجمالي الصادرات التركية الخارجية. لكن في عام 2012 حظرت الحكومة السورية الواردات من تركيا التي شاركت الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي في حربهما على السوريين.
بدأت الخسارة الفادحة للاقتصاد التركي من خلال الركود الذي شهد انخفاض قيمة العملة والتضخم المفرط، وأصبح المواطنون الأتراك يعانون من فقدان طرق الحياة المزدهرة التي حرمتها منهم سياسة أردوغان الخارجية الفاشلة.
حقق أردوغان والمقربون منه ازدهاراً كبيراً كمستفيدين من الحرب في جني الأموال من النفط المسروق، والمصانع والقمح التي تم نقلها إلى تركيا لإعادة بيعها، حيث باع أردوغان ونجله النفط السوري المسروق إلى الاتحاد الأوروبي مقابل 17 دولاراً للبرميل، وباعوا القمح السوري المسروق إلى فرنسا مقابل كرواسانها، ولإيطاليا من أجل المعكرونة.
في مواجهة نهاية فترات الولايات الثلاث، قام أردوغان بتغيير الدستور للبقاء لوقت أطول في الحكم، وقد انتقد بولنت أرينج، رئيس البرلمان السابق، وأحد الأعضاء المؤسسين لحزب العدالة والتنمية، قرار المحكمة المتعلق بإمام أوغلو، وقال أرينج: “حكم المحكمة عار وإحباط كبير للقضاء التركي”.
أكرم إمام أوغلو رجل أعمال تركي ومقاول بناء وسياسي من يسار الوسط، تم انتخابه لأول مرة كرئيس لبلدية اسطنبول بأغلبية 4.1 مليون صوت، وفاز بهامش 13000 صوتا ضد خصمه من حزب العدالة والتنمية في انتخابات رئاسة البلدية، في آذار 2019، كمرشح تحالف الأمة المشترك، لكنه عمل فقط، من 17 نيسان 2019 حتى 6 أايار 2019، عندما ألغيت الانتخابات بأوامر من أردوغان، ثم أعيد انتخاب إمام أوغلو في انتخابات متجددة في 23 حزيران 2019 بهامش أكبر بلغ 800 ألف صوت.
ومنذ ذلك الوقت، شكلت أحزاب المعارضة الستة في تركيا، بما في ذلك حزب الشعب الجمهوري، تحالف الأمة لتوحيد قوتها ضد الكتلة الحاكمة (حزب العدالة والتنمية) ومؤيده حزب “الحركة القومية”، حيث سيتم تحديد مرشح المعارضة للرئاسة من قبل قادة ستة أحزاب معارضة، وهم: رئيس حزب الشعب الجمهوري كيليجدار أوغلو، ورئيس حزب الخير ميرال أكشينار، زعيم حزب التقدم والديمقراطية “ديفا” باباجان، ورئيس بلدية اسطنبول أكرم إمام أوغلو.
أحزاب المعارضة متحدة لهزيمة أردوغان
تجمع 200 ألف مواطن تركي في ساراشان لدعم إمام أوغلو محتجين على الحكم الصادر بحقه. ومن الجدير بالذكر، أن مكان التجمع هو موقع محاولة الانقلاب في 15 تموز 2016 للإطاحة بحكومة أردوغان، وقد ألقى قادة أحزاب المعارضة الستة كلمات أمام الحشد، وأكدوا على العدل والنصر النهائي.
تحدث إمام أوغلو إلى الحشد قائلاً: “سأقول لكم.. الناس الذين يديرون هذا البلد مرضى ومريضون للغاية. هؤلاء هم الناس الذين لديهم حساسية من إرادة الأمة”.
وفي إشارة إلى أردوغان ومحسوبياته ومحاباته للمقربين منه قال: “أنت تدير بعض مجموعات المصالح والجمعيات المنتخبة والمؤسسات العائلية الوثيقة وبعض الدوائر المظلمة. لقد أنشأوا نظاماً للنفايات في اسطنبول ويريدونه أن يستمر إلى الأبد، لقد كان هذا الأمر الذي أثرى ثروة حفنة من الناس وأضر بسكان اسطنبول”.
وقال رئيس حزب الشعب الجمهوري كيليجدار أوغلو: “في تركيا اليوم، لا أحد يشعر بالأمان، سيادة القانون ليست قاعدة الرؤساء. هذا ليس سباق 100 متر، إنه ماراثون، وقد وصلنا إلى نهايته. بعد ستة أشهر سترى تركيا جديدة، سترى تركيا الجميلة، سترى تركيا خصبة”.
بدوره قال داود أوغلو: “بالأمس أصبح القضاء مسيساً لكن قضيتنا فوق السياسة. نحن في أحزاب سياسية مختلفة، لكننا جميعاً نقول “شرف” بنفس الصوت العالي. نسميها الحقوق والحريات الأساسية، نسميها دولة القانون الديمقراطية، أقول نيابة عن 85 مليون من محبي الديمقراطية لسنا خائفين، لا نخاف، لن نخاف، لم ننحني لك، لا نركع ولن نركع . سنحمي حقوق الجميع، والقانون، والعدالة، بغض النظر عن آرائهم السياسية”.