الرئيس البرازيلي والمحكمة العليا والكونغرس: نرفض الأعمال الإرهابية والانقلابية في البلاد
عواصم- متابعات:
بعد أن عاود أنصار الرئيس البرازيلي السابق الكرّة في إظهار فاشيتهم بعدم قبولهم نتيجة الانتخابات الرئاسية التي جرت بمنتهى الديمقراطية في بلادهم، وسط استنكار واستهجان عالمي للحادثة من معظم الأطراف سواء اللاتينية أم الأمريكية والأوروبية والآسيوية، إضافة إلى المنظمات الدولية، أعلن الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا أنه سيستأنف العمل بدءاً من يوم غدٍ في المكاتب التي تعرّضت لهجومٍ من جانب المئات من أنصار سلفه جايير بولسونارو، ووصف دا سيلفا ورؤساء المحكمة العليا ومجلسي الشيوخ والنواب في البلاد اقتحام مؤسسات الدولة من قبل بعض المتظاهرين بـ “العمل الإرهابي”.
ونقلت وكالة “فرانس برس” عن رئيس البرازيل ورؤساء المحكمة العليا والكونغرس قولهم في بيان مشترك بعنوان “الدفاع عن الديمقراطية” إن اقتحام مؤسسات الدولة هو”عمل إرهابي”.
وجاء في البيان المشترك: إن سلطات الجمهورية الضامنة للديمقراطية ولدستور العام 1988 ترفض الأعمال الإرهابية والتخريبية والإجرامية والانقلابية التي وقعت أمس في برازيليا.
كذلك وصف دا سيلفا الهجمات على المباني الحكومية في برازيليا بأنها “همجية”، وأمر باستخدام القوات الفيدرالية لاستعادة النظام في العاصمة، على أن يستمر الإجراء الفيدرالي في المقاطعة الفيدرالية البرازيلية حتى الـ 31 من الشهر الجاري وفقا لمرسوم رئاسي.
وفي وقتٍ سابقٍ اليوم، كتب دا سيلفا في تغريدة اليوم: “يجري التعرّف على الانقلابيين الذين أقدموا على تخريب الممتلكات العامة في برازيليا وسيحاسبون، ويوم غدٍ سنستأنف العمل في قصر بلانالتو”.
وكان دا سيلفا قد أدان اقتحام أنصار الرئيس السابق بولسونارو مبنى الكونغرس والمحكمة العليا والقصر الرئاسي، ووقّع مرسوماً رئاسياً يسمح بتدخل قوات الأمن الاتحادية في برازيليا لاستعادة القانون والنظام حتى نهاية الشهر.
وقال دا سيلفا الذي يزور مدينة أراراكوارا التي ضربتها فيضانات شديدة في حسابه على موقع تويتر: “سادت الهمجية في برازيليا فهؤلاء الناس الذين نسمّيهم الفاشيين، قاموا بغزو القصر والكونغرس بسبب عدم الكفاءة الأمنية، لقد استغلوا عطلة يوم الأحد، وانشغالنا بتشكيل الحكومة، ليفعلوا ما فعلوه، وكما هو معلوم فإن هناك عدة خطابات للرئيس السابق تشجّع على ذلك، وهذه مسؤوليته ومسؤولية الجهات الداعمة”.
وأضاف دا سيلفا: “إن الديمقراطية تضمن الحق في حرية التعبير ولكنها تتطلب أيضاً من الناس احترام المؤسسات، ولا توجد سابقة في تاريخ البلاد لما فعلوه اليوم ولذلك تجب معاقبتهم”.
ولفت الرئيس البرازيلي إلى أن كل من شارك بالهجوم على المباني العامة وتخريبها سيتم العثور عليه ومعاقبته وفق القانون.
ويأتي مرسوم الرئيس البرازيلي بإعلان حالة طوارئ مؤقتة على خلفية اقتحام أنصار بولسونارو مبنى الكونغرس الوطني وقصر بلانالتو الرئاسي ومبنى المحكمة العليا، حيث ألحقوا أضراراً بهذه المباني التي تعدّ تحفاً معمارية من الطراز الحديث وتضمّ الكثير من الأعمال الفنية.
وقوبلت حادثة الهجوم على المؤسسات الديمقراطية في البرازيل بإدانات دولية واسعة، وتأكيدات لدعم الرئيس دا سيلفا.
وفي السياق، أعربت الهند عن قلقها حيال أعمال العنف والتخريب التي يمارسها أنصار الرئيس البرازيلي السابق جايير بولسونارو، وعن دعمها الكامل للسلطات البرازيلية المنتخبة في مواجهتها.
وكتب رئيس الوزراء الهندي نارندار مودي على تويتر “نشعر بالقلق العميق حيال أعمال الشغب والتخريب ضدّ مؤسسات الدولة في البرازيل، وندعو إلى احترام التقاليد الديمقراطية من الجميع، ونعرب عن دعمنا الكامل للسلطات البرازيلية”.
بدورها، أدانت كوبا بشدة أعمال العنف التي ارتكبها أنصار الرئيس البرازيلي السابق بولسونارو واقتحامهم المؤسسات الحكومية، وأعربت عن تضامنها ودعمها الكاملين للرئيس المنتخب دا سيلفا.
وفي تغريدة له على تويتر، قال الرئيس الكوبي ميغيل دياز كانيل: “إننا ندين بشدّة أعمال العنف غير الديمقراطية التي تهدف إلى إثارة الفوضى في البرازيل، وعدم احترام الإرادة الشعبية التي تم التعبير عنها بانتخاب الرئيس لولا”.
من جهته عبّر وزير الخارجية الكوبي برونو رودريغيز عن “رفض كوبا الشديد للأحداث المقلقة وأعمال العنف في البرازيل”، داعياً إلى احترام إرادة الشعب البرازيلي بقيادة لولا، ومؤكداً تضامن بلاده مع “الحكومة المنتخبة ديمقراطياً لهذه الدولة الشقيقة”.
وفي السياق ذاته، أدانت العديد من دول أمريكا اللاتينية ما يحدث في البرازيل، داعيةً إلى احترام الديمقراطية في البلاد، حيث أكد الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو رفضه التام لأعمال العنف التي قامت بها “الجماعات الفاشية الجديدة التابعة لبولسونارو التي هاجمت المؤسسات الديمقراطية في البرازيل”، معرباً عن دعمه للرئيس والشعب البرازيليين.
الرئيس الكولومبي غوستافو بيترو قال في تغريدة على تويتر: إن الفاشية قرّرت تنفيذ انقلابها، مشدّداً على تضامنه “مع لولا دا سيلفا وشعب البرازيل”.
بدوره اعتبر رئيس تشيلي غابرييل بوريك أن “الهجوم على مراكز السلطات الثلاث لدولة البرازيل من البولسوناريين غير مقبول”، معرباً عن تأييد بلاده الكامل للحكومة البرازيلية “في مواجهة هذا الهجوم الجبان والدنيء على الديمقراطية”.
ودعت الحكومة التشيلية من جهتها إلى عقد جلسةٍ خاصة للمجلس الدائم لمنظمة الدول الأميركية.
الرئيس المكسيكي أندريس مانويل لوبيز أوبرادور أشار في تغريدة على تويتر إلى أن ما حدث في البرازيل يشكل “محاولة مستهجنة وغير ديمقراطية”، مضيفاً: إن “لولا ليس وحده، فهو يحظى بدعم القوى التقدّمية لبلاده والمكسيك والأميركيتين والعالم”.
الرئيس الأرجنتيني ألبرتو فرنانديز شدّد على دعمه ودعم الشعب الأرجنتيني غير المشروط للرئيس البرازيلي المنتخب في مواجهة هذه المحاولة الانقلابية.
من جانبه، أدان الأمين العام لمنظمة الدول الأميركية لويس ألماغرو “الاعتداء على المؤسسات في برازيليا الذي يشكّل عملاً مرفوضاً واعتداءً مباشراً على الديمقراطية”، مشدّداً على أن هذه الأفعال لا تغتفر وهي فاشية بطبيعتها.
بدوره قال وزير خارجية بوليفيا روخيليو مايتا: إن الأحداث في البرازيل أظهرت أن أميركا اللاتينية تواجه تحدّياً يتمثل في “الدفاع عن ديمقراطياتنا عبر منع انتصار خطاب الكراهية”.
وفي أوروبا أعرب رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال في تغريدة عن “إدانته المطلقة” لاقتحام أنصار بولسونارو مقار الكونغرس والرئاسة والمحكمة العليا، مشيراً إلى الدعم الكامل للرئيس دا سيلفا الذي انتخبه بشكل ديمقراطي ملايين البرازيليين بعد انتخابات نزيهة وحرة.
مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل عبّر عن التأييد نفسه قائلاً: إنه شعر “بالذهول نتيجة أعمال المتطرفين العنيفين”، مضيفاً: إن “الديمقراطية البرازيلية ستسود على العنف والتطرف”.
بدورها شدّدت رئيسة البرلمان الأوروبي روبرتا ميتسولا على وجوب احترام الديمقراطية دائماً، مضيفةً: إن البرلمان الأوروبي يقف “إلى جانب لولا وكل المؤسسات الشرعية والمنتخبة ديمقراطياً”.
من جانبه دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى “احترام المؤسسات الديمقراطية في البرازيل”، مشدّداً على “دعم فرنسا الثابت للرئيس لولا”.
وأدانت الخارجية الفرنسية بأشدّ العبارات أعمال العنف ضدّ المؤسسات الديمقراطية في البرازيل.
وفي إيطاليا، قالت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني على تويتر: إنّ الهجوم الذي شهدته البرازيل على مقارّ حكومية غير مقبول ولا يتوافق مع أي شكل من أشكال المعارضة الديمقراطية، مبدية تضامنها مع المؤسسات البرازيلية.
وفي إسبانيا أعرب رئيس الوزراء بيدرو سانشيز عن دعمه الحكومة المنتخبة ديمقراطياً في البرازيل، مندّداً “بتصرّفات المجموعات التي تعارض النتائج الشرعية”.
الرئيس الأميركي جو بايدن وصف الهجوم بأنه شائن، وقال: “إن المؤسسات الديمقراطية البرازيلية تحظى بدعمنا الكامل.. وإرادة الشعب البرازيلي يجب ألا تقوّض”.
وفي روسيا، أدان المتحدث باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف
بشدة أعمال الشغب والعنف التي قام بها مؤيدو الرئيس بولسونارو.
وأكد بيسكوف دعم روسيا بشكل كامل للرئيس المنتخب لولا دا سيلفا.
من جانبها، صرحت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا بأن روسيا تدين بشدة تصرفات أصحاب التوجهات الراديكالية في المعارضة البرازيلية الذين قاموا بالهجوم على المؤسسات الحكومية.
وتابعت: إن الوزارة تنطلق من عدم جواز محاولات انتهاك النظام الدستوري في البلاد، فيما أعربت عن دعم الخارجية الروسية للرئيس دا سيلفا، وعن ثقتها في أنه بفضل سلطته، التي تؤكدها نتائج إرادة الشعب، وتجربة الإدارة العامة، سيكون من الممكن، اعتمادا على الأسس الديمقراطية لإدارة الدولة، تجاوز عواقب ما حدث.
كذلك أشارت زاخاروفا إلى أهمية الحفاظ على الاستقرار السياسي الداخلي في البرازيل، مؤكّدة على أن البرازيل شريك استراتيجي لروسيا، وعضو نشط في مجموعة البريكس، ومجموعة العشرين، التي هي حاليا عضو في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.
نائب رئيس مجلس الاتحاد الروسي قسطنطين كوساتشيف ذهب إلى أن “ما شهدته البرازيل ما هو إلا محاولة انقلابية كُتب لها الفشل جاءت بعد انتخابات رئاسية شفافة ونزيهة”.
وأوضح كوساتشيف على قناته في تلغرام وفق ما نقلت وكالة تاس أن “انتخاب الرئيس الجديد للبرازيل لولا دا سيلفا كان نظيفاً ومعترفاً به من المجتمع، والاضطرابات التي شهدتها عاصمة البلاد ما هي إلا محاولة انقلاب فاشلة”.
وأضاف كوساتشيف: إن “انقلاباً غريباً ولا معنى له، مكتوب له الفشل في البرازيل، فقد كان انتخاب رئيس جديد للبلاد نظيفاً ومعترفاً به من كل من المجتمع البرازيلي والمجتمع الدولي”.
وقال: “نتمنى للبرازيل استعادة القانون والنظام والاستقرار والازدهار، وللرئيس المنتخب لولا دا سيلفا أن يكون على ثقة بمشروعيته ويواصل خطواته”.
وكان أنصار بولسونارو الذي هزمه لولا في الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية في 30 تشرين الأول من العام الماضي تظاهروا أمام ثكنات عسكرية مطالبين بتدخل الجيش لمنع لولا من تولي الرئاسة بعدما أدّى اليمين الدستورية أمام الكونغرس الأحد الماضي.