حربٌ بالوكالة.. وساسة منفصلون عن الواقع
تقرير إخباري:
كشفت الفترة الأخيرة مفاجآتٍ واعترافاتٍ كثيرة، أكدت جميعها الحقائق والضمانات التي تحدّثت عنها روسيا قبيل عمليتها الخاصة في أوكرانيا، كما تؤكد أن حرب نظام كييف تجري بأمر “الناتو” الراغب بالزحف نحو روسيا لتفكيكها وتهديد سلامة أراضيها تحقيقاً لمجموعة من الأطماع الغربية، وكان أغرب اعتراف علني من وزير حربها، أوليكسي ريزنيكوف، الذي أكد أن قوات بلاده تبذل دمها في الصراع نيابة عن “الناتو” مطالباً دول الحلف بكمية أكبر من الدعم على الرغم من إغداقها المليارات والكميات الكبيرة من الأسلحة والقذائف والصواريخ والآليات التي غالباً ما تُدمّر قبل خروجها من المستودعات من خلال ضرباتٍ روسية دقيقة، أو أنها غير صالحة للاستخدام، أو تذهب نحو الأسواق السوداء في بقاع التوتر التي تصنعها الإدارة الأمريكية حول العالم، بينما تذهب الدولارات إلى جيوب الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلنسكي وعددٍ من الفاسدين المتواطئين معه داخلياً وغربياً.
هذا الاعتراف اعتبره البعض من الخبراء ابتزازاً أوكرانياً لدول الغرب، في حين رجّح البعض الآخر منهم أنه تأجيجٌ متعمّدٌ وممنهج للوضع، وتقويضٌ متعمّد للمساعي التي تقودها بعض الدول بالتعاون مع روسيا، أو بالتعاون مع الفاتيكان لإعادة نظام كييف إلى طاولة التفاوض بعد تحييده عن شروطه الاستفزازية ومطالبه ذات الخلفية الغربية، بهدف تأجيج الصراع، حيث يستغل النظام الأوكراني حالة سوء التقدير الواضحة التي وقع بها ساسة “الناتو”، فهم يواصلون دعمهم للنظام وينخرطون في الصراع ضدّ روسيا بشكل مباشر، وما زالوا يظنون أن بإمكانهم إضعافها عبر العقوبات الاقتصادية واستنزافها عبر عصابات النازية، وهذا الموقف التصعيدي في نهاية المطاف لن تتغاضى عنه موسكو كثيراً، وسيؤدّي إن استمر الدعم الغربي إلى ما لا تُحمد عقباه، عبر اندلاع حربٍ مباشرة بين روسيا والدول الأطلسية، وبالتأكيد ستكون نووية ومدمّرة وبنتيجتها لا وجود لأطراف رابحة وستدفع ثمنها جميع الشعوب.
وبتحليل هذه التخبّطات الغربية الكارثية يصعب علينا إيجاد مبرر مقنع لها، باستثناء حقيقة أصبحت واضحة للعيان تتمثل بوجود قطبين في هذا العالم يسيران بشكل متعارض، فالأول يريد السيطرة على الرغم من فشله المتواصل على كل الصعد بما فيه الفشل داخل أمريكا التي أصبحت على أعتاب حرب أهلية وتعاني انقساماً سياسياً حاداً، وأخبار إعلامها اليومية تعجّ بالجريمة وحوادث إطلاق النار، والفشل الخارجي في أفغانستان وسورية والعراق واليمن، في حين يواصل القطب الآخر ضمّه لكل القوى التي سئمت ذلك الفشل.
وخلاصة المشهد تقول: إن المشكلة الأكبر التي يشهدها العالم هي أن حكام الغرب يتكلمون فيما لا يعونه، وهذه كارثة ربما تنعكس وبالاً على شعوبهم وحتى على العالم أجمع، وكذلك بقاؤهم في السلطة بغض النظر عن الإقصاءات وتعاور أحزاب اليسار واليمين للسلطة في بعض دول القارة العجوز، فهم حتى الآن عاجزون عن قراءة الواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي حتى ضمن بلادهم، ويظنون أنهم قادرون على احتواء القوة العسكرية الروسية وعرقلة النمو الاقتصادي الصيني، وللأسف حلولهم حتى اللحظة تكمن في تشجيع سباق التسلّح ليس إلا.
بشار محي الدين المحمد