الحل في اليمن حاجة أمريكية
تقرير إخباري:
تصدّر الملفّ الإنساني الكارثي في اليمن الأجندة السياسية للمفاوضات الجارية حالياً بين الوفدين اليمني والعماني في العاصمة اليمنية صنعاء، وذلك لما يمثّله هذا الملف من ضغط كبير على الهدنة الهشة الموقّعة بين الحكومة اليمنية والنظام السعودي.
ومن هنا صرّح رئيس الوفد المفاوض في الحكومة اليمنية محمد عبد السلام، بأن الزيارات المكثفة بين صنعاء ومسقط تعكس جديتنا في الوصول إلى خطوات ملموسة والمسألة تعود إلى مدى جدّية الطرف الآخر، مؤكداً أن الوضع الإنساني بات يتصدّر الملف السياسي والتفاوضي.
وقد حضر الوفد العماني المفاوض إلى صنعاء بعد إصرار يمني طوال الفترة الماضية على فرض الملف الإنساني في اليمن أولويةً ضمن المفاوضات الجارية حالياً، وفصله عن المطالب والشروط السياسية التي يجري بحثها.
وتعدّ هذه الزيارة الثانية للوفد العماني إلى صنعاء الذي جاء لاستكمال التباحث ونقل الأفكار والمقترحات التي حملتها المباحثات مع النظام السعودي والأطراف الدولية إلى الحكومة اليمنية منذ انتهاء الهدنة في تشرين الأول الماضي.
ورغم أن زيارة الوفد جاءت محمّلة بنقاط إيجابية تتعلق بحلحلة الجانب الاقتصادي عبر صرف المرتبات، وإبداء رغبة مبدئية من دول العدوان، تحت ضغط التهديد باستئناف الحرب طبعاً، في التوصل إلى السلام في اليمن، غير أن الحكومة اليمنية استطاعت طرح شروطها بوضوح وضمنها وقف الحرب، ورفع الحصار، وخروج الأجانب من اليمن، على اعتبار أن هذا حق مشروع لليمنيين جميعاً.
ولابد من التأكيد أن اليمن عاش إحدى أسوأ الأزمات الإنسانية في العصر الحالي، وذلك حسب تقرير الأمم المتحدة، إذ إن أكثر من 25.5 مليون يمني من أصل 30 مليوناً هو عدد إجمالي السكان، باتوا يعيشون تحت خط الفقر نتيجة الحرب التي يشنها تحالف العدوان السعودي على البلاد المستمرة منذ أكثر من 7 سنوات، كما أدّت الحرب إلى تشرّد أكثر من 4 ملايين يمني وحرمان مليوني طفل من حق التعليم، وبلغ عدد ضحايا العدوان السعودي المدعوم أميركياً نحو 50 ألفاً حسب أرقام الأمم المتحدة، في الوقت الذي تتهم فيه الحكومة اليمنية الولايات المتحدة الأمريكية بعرقلة السلام في اليمن لمنع إنهاء الصراع الدائر هناك، حيث صرّح عضو المكتب السياسي لحركة أنصار الله علي القحوم بأنه مهما حاول الأميركيون التستر والوقوف في الموقف الخلفي، إلا أن الأحداث والحقائق وسلوكهم العدواني المستمر كشفت وجههم القبيح وإفشالهم الجهود المبذولة لتمديد الهدنة، عندما أعلنت الحكومة اليمنية في شهر تشرين الأول الماضي وصول مفاوضات تمديد الهدنة الأممية في اليمن إلى طريق مسدود بعد رفض العدوان السعودي دفع رواتب الموظفين العموميين من عائدات النفط والغاز المنتج من المحافظات اليمنية ووقف الحرب ورفع الحصار عن البلاد.
وعلى كل الأحوال، يبدو واضحاً الآن أن وقف الحرب الجارية في اليمن لم يعُد فقط حاجة ضرورية لتحالف العدوان، على اعتبار أن منشآتها النفطية وشركاتها باتت معرّضة للقصف مجدّداً من القوة الصاروخية اليمنية والطيران المسيّر في حال فشلت الهدنة، وإنما أصبح حاجة ضرورية لمشغّلي تحالف العدوان في واشنطن ولندن الذين يريدون أن يتفرّغوا للصراع مع روسيا والصين، والابتعاد عن أيّ استفزاز جديد للحكومة اليمنية قد يقود إلى استهداف لمصادر الطاقة في المنطقة، في الوقت الذي تعاني منه واشنطن وحلفاؤها الغربيون من أزمة عميقة في الطاقة، على خلفية الحرب الدائرة الآن في أوكرانيا والعقوبات المفروضة على الغاز والنفط الروسيين، الأمر الذي يهدّد بمنع كميات هائلة من حوامل الطاقة في المنطقة من التوجّه إلى الأسواق العالمية عبر بابا المندب.
ميادة حسن