ابراهيم سلامة.. من رماد الأسى يشعل شمعة أمل
آصف ابراهيم
رغم الظروف المعيشية التي أرخت بظلالها على مختلف مناحي الحياة، لم يتوقف الفنان التشكيلي ابراهيم سلامة عن مداومة الحضور في صالات الفن التشكيلي في محافظة حمص والمحافظات السورية الأخرى، فهو يرى أن الرسالة السامية التي يحملها هذا الفن الراقي يجب أن لا تتوقف، لأنها تعبر عن حالة حضارية وثقافية مهمة ترمم بعض الجوانب المتهالكة في الواقع، لذلك تراه في معظم المعارض الفردية التي يقيمها يغّلب على معظم لوحاته الهم الإنساني من مختلف جوانبه لاسيما في السنوات الاخيرة، حيث تفاقمت الضغوط الحياتية على الإنسان السوري، وأخذت تؤرقه وجودياً، والتي يعبر عنها سلامة بأسلوبه التعبيري القريب من المدرسة التجريدية أحياناً مستخدماً القماش والكرتون في بعض الأحيان حيث الألوان الرمادية هي وسيلته لتقصي الحالة النفسية، كما يراها ويشكلها في مخيلته، حيث تتشعب وتتعقد لتصبح رؤية وجودية استخلصها خلال عراكه مع الواقع.
ويعتبر المعرض الأخير الذي افتتح أمس الاثنين في صالة صبحي شعيب (صالة اتحاد الفنانين التشكيليين وسط مدينة حمص)، وضم نحو خمس وثلاثين لوحة، استمراراً للرؤية التعبيرية الشمولية في تكوينها الفني، والتي تجسد الواقع من منظور فلسفي بعيد عن التسجيلي الضيق، ويعتمد فيها الفنان سلامة على اللون والحركة الهادئة والهادفة لإظهار الحشود البشرية المتزاحمة داخل اللوحة التي تقول ما يبحث عنه ويسعى لإيصاله إلى المتلقي في مساهمة نبيلة منه للارتقاء بواقع يتطلب إشعال المزيد من شموع الأمل للخروج من أسر القنوط المسيطر على النفوس.
في معرض سلامة الجديد قد يتلمس المتلقي مدى الاصرار على التقوقع في الافكار والموضوعات ذاتها، لكن بتجديد واضح في الأسلوب والتقنيات التي يسعى من خلال مواكبة الحداثة الفنية، إلى تطوير تجربته دون إحداث انقلاب جذري في سمات الهوية الفنية التي تعتمد على خياله المجنح وفكره الوقاد في تشكيل معالم نتاج ابراهيم سلامة التي تجاوزت مسيرته ما يقرب من نصف قرن.