أخبارصحيفة البعث

البرازيل.. أمريكا تعتمد الآن على اليمين الشعبوي ذي النزعة النازية

تقرير إخباري:

مع فجر كل يوم تجدّد الولايات المتحدة الأمريكية إشعالها بؤر توتر حول العالم لاستمرار نجاح اقتصادها الفقاعي الزائف في نهب خيرات وثروات العالم وسط جهودٍ حثيثة لترتيب مشاهد حروب مستقبلية في بقعٍ أخرى، فحالياً تستعر نيران حقدها لترتيب مشهد صراع آسيوي ضدّ الصين، كالذي بدأت بتحضيره منذ عام 2015 على الساحة الأوكرانية، والذي من أجله اضطرّت للانسحاب المفاجئ من أفغانستان لتجميع قواها التآمرية ضدّ موسكو، والآن أيضاً بعد خسائر نفوذها المتسارعة في آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية نرى أصابعها في أحداث الشغب التي تجدّدت يوم الأحد “الأسود” في البرازيل عندما هاجم أنصار الرئيس السابق، جايير بولسونارو، مؤسسات البلاد بحجة اعتراضهم على الانتخابات التي جرت بنزاهة وديمقراطية شهد بها القاصي والداني.

إن أمريكا تعتمد الآن على هذه القوى من اليمين الشعبوي المتطرّف ذي النزعة النازية التي ترتضي التخريب والقتل والتفرقة منهجاً لها في سبيل إثبات أحقية من يمثلها في السيطرة على السلطة والبقاء فيها، ولكن هذا المخطط قد فشل ضدّ قوة الرئيس العمالي المناصر لقضايا الفقراء، لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، إذ فشل بولسونارو ومناصروه في وضع البرازيل على سكة البيرو رغم تواطؤ قوى داخلية.

إن بولسونارو لا يمثل مصالح الشعب بقدر ما يحقق مصالح البورجوازية الأمريكية التي هرب إليها بعد فشله في الانتخابات.. هذا الشخص اعتبر في أحد خطاباته الفاشية “أن الله أتى به إلى السلطة وهو وحده القادر على إقصائه منها”، وهذا لا يذكرنا سوى بالفكر المريض للرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب ومدرسة مناصريه الذين هاجموا الكونغرس أيضاً اعتراضاً على سقوطه في الانتخابات الرئاسية، حتى لو لفظته صناديق الانتخابات.

لقد راهن بولسونارو على سيناريو قام بترتيبه بدقة لأنه يعلم أن الشعب لن يختاره مجدّداً، عبر الاعتماد على استمالة شخصيات كان قد عيّنها في مناصب حساسة عسكرية وأمنية وأغرقها بالوعود بغنائم كبيرة لتمرير أحداث الشغب التي خطط لحصولها قبل سفره نحو أمريكا، وعبر الإعفاءات الضريبية التي منحها لعدد كبير من الملاك والشركات والسير باتجاه الخصخصة وبيع كل شيء حتى الضمان الاجتماعي رغم فقر البلاد، لتدعمه وتدعم مناصريه، إضافةً إلى اعتماد شخصيات ضمن البرلمان ذاته لتمرير سياساته أيضاً، للمساعدة على ممارسة التعذيب والاعتداء على القوى اليسارية الوطنية.. أيضاً اعتمد على حملاتٍ ترويجية تتضمّن تمرير الأخبار المضللة وترهيب الطبقتين الفقيرة والوسطى، وعلى خطابات الحقد والكراهية، وإثارة النزعات العنصرية وخاصةً الدينية التي لم تكن مألوفة في هذا المجتمع بهدف تعزيز الانقسام بين الشعب وتسهيل استغلاله.

يعمل بولسونارو والكثير من القوى المشابهة له عالمياً على نشر قيمٍ فاسدة للعبث بأفكار الشعوب من خلال زعمهم أنهم ينشرون قيم “العالم الموحّد”، ويصوّرون الرأسمالية على أنها الحل للوصول إلى رفاه الشعوب مدعومين من الاحتكارات العالمية مثل “الكارتل” و”الكونسيرن” لمناهضة قوى العالم الجديد وعرقلة وصول القوى اليسارية للسلطة، وخاصةً في أمريكا اللاتينية التي تعاني الأمرّين نتيجة غضب أمريكا من ذلك، وعمدها إلى دعم الانقلابات بشكل مفضوح في تلك البلدان لمنعها من تشكيل العالم المتعدّد الأقطاب في وجه أطماعها.

ولكن على المقلب الآخر علينا ألا ننسى أن اليمين وداعميه مهما راهنوا على “الفوضى الخلاقة” والقتل والدمار، فإن قوى اليسار، ومثالنا اليوم “الرئيس لولا دا سيلفا” يتبنون الديمقراطية، ويهدفون إلى مكافحة الفقر، والنهوض بالضمان الاجتماعي وإحلال الأمن الغذائي، ومنع الشركات الكبرى الرأسمالية ذات الجذور الأمريكية من سحب بلادهم نحو الحضيض، وهذا ما سيحقق نجاحهم مهما طال المخاض.

بشار محي الدين المحمد