بايدن يفسد الإنفاق على الأمن البشري
هيفاء علي
أقر الكونغرس الأمريكي ميزانية عسكرية قدرها 850 مليار دولار، منها أكثر من 400 مليار دولار ستذهب إلى الشركات الخاصة، ما اعتبره محللون إعادة توزيع ضخمة للثروة لصالح الشركات الربحية، تماماً كما يكافح ملايين العمال لدفع فواتيرهم.
وفي وقت سابق من العام المنصرم، وصف جو بايدن ميزانيته العسكرية للسنة المالية 2023 بأنها واحدة من أعظم الاستثمارات في تاريخ في الأمن القومي، ولكن ما سيحققه في الواقع هو إعادة توزيع تاريخية للثروة لإفادة طبقة رجال الأعمال، حيث يذهب أكثر من نصف الميزانية العسكرية الأمريكية السنوية إلى الشركات الهادفة للربح. وبالتالي، فإن إقرار قانون تفويض الدفاع الوطني للسنة المالية 2023 الذي ينص على 858 مليار دولار من الإنفاق العسكري، يعكس قرار تخصيص أكثر من 400 مليار دولار لمقاولين من القطاع الخاص.
وبينما تعيش طبقة العمال على الفتات، تزيد شركات الأسلحة من إنفاق البنتاغون ما يجعل من الميزانيات العسكرية في حقبة الحرب الباردة وصمة عار، مقابل الملايين في الولايات المتحدة الذين يصارعون أزمة تكلفة المعيشة التي تفاقمت بسبب التضخم، حيث تفيد آخر التقارير أن ما يقرب من ثلثي الأمريكيين يعيشون كفاف يومهم. في السياق، وجدت دراسة حديثة أجراها بنك الاحتياطي الفيدرالي في دالاس أن الأجور الحقيقية لغالبية العمال لم تواكب التضخم خلال العام الماضي، بسبب رد فعل إدارة بايدن من خلال التخلي عن المساعدات المرتبطة بالوباء في محاولة للحد من ارتفاع الأسعار. وأضافت الدراسة أن وقف المساعدات المرتبطة بالوباء أدى إلى تفاقم الهشاشة الاقتصادية لملايين الأشخاص.
ووفقًا لمسح أجراه مكتب الإحصاء في تشرين الأول الماضي، فإن 41٪ من الأسر الأمريكية تقول إنه من الصعب جداً تغطية نفقات الأسرة اليومية، بينما كان هذا الرقم 26.2٪ في نيسان 2021، مباشرة بعد الجولة الثالثة من مدفوعات التحفيز. وعلى عكس الإنفاق العسكري، عالجت هذه المدفوعات بالفعل الاحتياجات الأمنية الأكثر إلحاحاً وذات الصلة لشريحة عامة الأمريكيين.
وبحسب الدراسة، لا شيء يمنع بايدن أو حلفاءه في الكونغرس من إعادة إجراء فحوصات التحفيز، أو أي برنامج اجتماعي تم قطعه من خطة إعادة البناء بشكل أفضل، مثل الائتمان الضريبي للطفل، أو الإجازة العائلية والطبية المدفوعة، ذلك أن المشكلة هي أن بايدن قد أفسد الإنفاق على الأمن البشري، في حين أن طلب الميزانية الأول الخاص به كان يتضمن برنامجاً وطنياً كبيراً، بالإضافة إلى ميزانية عسكرية ضخمة، فقد تم استبدال الإنفاق الاجتماعي الطموح الآن بالتركيز على خفض العجز وميزانية أكبر للبنتاغون.
في الآونة الأخيرة، ألمح البيت الأبيض إلى احتمال دفع دفعة تحفيزية رابعة، مشيراً إلى تكلفتها الباهظة، حيث كان الهدف من جائحة كورونا هو إعادة فكرة أن الأمن لا يمكن شراؤه من خلال ميزانية ضخمة للبنتاغون، ولكن من خلال الإنفاق الاجتماعي الذي يحسن السلامة والرفاهية. وعليه، يبدو أن الميزانيات المستقبلية قد تعطي أخيراً الأولوية لتمويل البرامج المؤيدة للعمال بدلاً من أن تكون مؤيدة للتسليح.
إن الخط السياسي الذي يدفعه بايدن والديمقراطيون البارزون، والقائم على التقشف في البرامج الاجتماعية، وشيك على بياض للجيش يفعل العكس تماماً، وستكون تبعاته قاسية على شريحة العمال والطبقة العادية، إن جاز التعبير.