ماذا بين اليوم العربي والمسرح العربي؟
حلب – غالية خوجة
الجميل أن يستعيد المسرح حركته على المنصات وأن يحضر المحبون للمشاهدة، وأن يكون هناك يوم للمسرح العربي. والجميل أن تحتفل 8 محافظات سورية بيوم المسرح العربي وتقدم 8 مسرحيات في يوم واحد، ومنها حلب التي عرضت “حكايات من دفتر اليوميات” على منصة دار الكتب الوطنية، وهي من تأليف وليد العاقل، وتمثيل محمد ملقي، وميليسا ماردنلي، وطارق خليل، ونجاة كاتبي، ومن إخراج معتز سيجري الذي أخبر “البعث”: نحن اليوم كمسرح سوري وحلبي نوجه رسالة للعالم بأننا رغم الدمار والحصار والحرب الإرهابية مسرحنا مستمر بالعطاء والستارة لن تنسدل حتى إنها تحت القصف كانت فعّالة، وأجسد في إخراجي اليوم الطريقة الواقعية الاجتماعية الكوميدية.
البطولة لتفاصيل التفاصيل
ابتدأت المسرحية من سطح مبنى تسكنه أسرة تبدو فيها الزوجة سعدية مسيطرة وسليطة اللسان و”مفطومة على النكد” – كما يقول زوجها عاصم – وتتمتع بصوت آمرٍ وناهٍ، وهي تنادي على زوجها بين طاولة الكوي والمكنسة والسجادة ليساعدها في أعمال البيت خصوصاً وأنهما في يوم إجازة، وأثناء الوصول إلى الطلاق تدخل جارتها سلام وزوجها جاد كعريسين تبدأ مفاخرتهما ثم تتكشّف مع الأحداث أن لديهما مشاكل متشابهة في اختلاف الآراء والإنجاب وأهل كل منهما.
وفعلاً، كما قال مخرجها، هي مسرحية كوميدية تنقل أحداثاً تجري في أغلب البيوت بتفاصيل تفاصيلها، وتجعل المشاهد يبتسم ويضحك فقط، إلاّ أن السينوغرافيا كانت بسيطة وموظفة بشكل مناسب لكي يصعد الزوج عاصم على السلّم هارباً من زوجته “سوسو”، كما يدلّعها. وهكذا حال الأحداث المتوالية مع شخوصها الأربعة الناطقين باللهجة العامية المتداخلة بمفردات إنكليزية، والذين أدّوا بطريقة متناغمة فيما بينهم، لكن، الممثلة نجاة كاتبي، التي أدّت دور “سلام”، قامت بحركات ارتجاجية راقصة مبالغ بها، ومصطنعة جداً، ما جعل المسرحية لتتأرجح بين التهريج والكوميديا والحضور المتشابه المزدوج لكل من الزوجين، ولأول مرة، ألاحظ بأن المرأة تسيطر في البيت ولكن ليست بطريقة ثقافية وراقية، بل جاهلة.
ما آراء المسرحيين؟
وحول محور المسرح وحاله اليوم، استطلعت “البعث” آراء بعض الفنانين:
الكاتب المسرحي عبد الفتاح قلعه جي قال يوم المسرح العربي تقليد مستحدث ابتدعنه الهيئة العربية للمسرح في الشارقة تزامناً مع مهرجانها السنوي 10 كانون الثاني، وتوازياً مع يوم المسرح العالمي، وذلك للاحتفاء بالمسرح، رغم أنه لا يوجد له مثيل لدى الشعوب الأخرى. قمثلاً لا يقولون يوم المسرح الإنكليزي، أو الإسباني، وإذا أردت أن تأخذ موقعاً في منتدى الحضارة العالمية، فيجب أن يكون بالنتاج المتفرد، وطرح الإشكاليات العامة، والاتجاهات الجدبدة، المسرح ليس بالشعارات و الأسماء البراقة.
وتابع: بعد جائحة كورونا انفلت عقال المسرحيين العرب من هذا المحبس القسري وانطلقوا في إقامة المهرجانات، وهذه تظاهرات، لكنها لا تصنع مسرحاً لأن أغلب مسرحياتها مصنعة تصنيعاً من أجل الاشتراك في مهرجان ما. ومن يصنع المسرح هو الفكر والثقافة والعمل المتواصل والبحث عما هو متفرد وجديد على المستويين النظري والتطبيقي، وهذا لا نجده إلاّ عند قلة نادرة، فالأمر مختلف بين أن تصنع لك ولغيرك مسرحاً، وبين أن تصنع مسرحية لتدرج في موسم مسرحي أو مهرجان ما. وأضاف: دأبنا على تقديس وتكريس اسم أو اسمين تقرباً وزلفى، وما عدا ذلك يبقى خارج دائرة الضوء أو الدراسة، علماً بأنه ليس لكاتب مسرحي عربي منذ أن ولد المسرح العربي مثل هذا الكم والنوع والتفرد ومما زاد الطين بلة التراجع العام في المسرح السوري بسبب الحرب وظروف المعيشة ومشاكل الطاقة. أما عن المسرح في حلب، فقد غاب في الفترة الأخيرة المخرجون المسرحيون الأكاديميون المحترفون وحل محلهم آخرون “على قد حالهم” ثقافة وفنية، وهم إما يكتبون نصوصاً أو يولفون توليفاً لأنفسهم أو يقدمون مسرحيات أجنبية وإنها لعقدة النقص، أما المسرح القومي فلم يعد له وجود أو فاعلية على المستوى المسرحي كمسرح كان فيما مضى رائداً معلماً.
وعبّر الفنان الشامل سمير الطويل عن هذه المناسبة بقوله: المسرح هو البقعة المضيئة في ثقافتنا العربية وأداة للتواصل بين المثقفين العرب، وهو نافذتنا الحقيقية لنطل من خلالها على همومنا وأوجاعنا ونقدم أنفسنا كعرب من خلال مسرح عربي لا نقوم به بتقليد المسرح الغربي، وأن يكون هناك هوية خاصة للمسرح العربي، وأؤمن بشكل قوي أن المسرح هو المعني الأكثر في إجراء التفاعلات والحوارات بين الدول العربية أولاً وحول العالم ثانياً، والمسح الحلبي متطور من ناحية الكم فقط أمّا من ناحية الفرجة والمتعة فللأسف نحن نحتاج إلى سنوات ضوئية للوصول إلى ما وصلت إليه الدول المجاورة .
بدورها، أكدت المخرجة المسرحية السينمائية غنوة حيدري على أن المسرح العربي ينمو ويكبر منذ الستينيات وهو استمرارية بجهود أبناء المسرح ومحبيه والمنتمين إليه، وأنا كموجة له ومتابعة أشعر بالفخر لوجودي اليوم لأكون شاهدة على هذا الاحتفال الجميل.